Free Essay

Managment

In:

Submitted By yasserfahim
Words 8208
Pages 33
بسم الله الرحمن الرحيم

تلخيص كتاب
الولاء والبراء في الإسلام

للشيخ؛ محمد بن سعيد القحطاني

تلخيص؛ أبي قتادة النجدي

الطبعة الأولى، 1426 هـ

المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فهذا البحث تلخيص لكتاب الولاء والبراء في الإسلام لصاحبة الأستاذ محمد بن سعيد القحطاني - غفر الله له - وهو كتاب قيم في بابه، وقد أشرف عليه علماء أجلاء فجزاهم الله خيرا. وأما عن عملي في التلخيص: أولاً: قمت بوضع نفس عناوين المؤلف - حفظه الله - وقمت بوضع أهم النقاط والأحكام التي تكلم عنها المؤلف داخل هذه العناوين. ثانياً: وضعت عنواناً بمسمى نقاط مهمة وكلمات مضيئة وقد كان عبارةً عن ذكر أهم أقوال العلماء التي مررت بها في الكتاب، وكذلك أقوال العلماء التي أوردها الشيخ في المقدمة والتمهيد وبعض النقاط الهامة القيمة وجعلتها في آخر البحث ومن أراد أن يراجعها من مظانها فلينظر إلى الكتاب. وأسأل الله أن يوفقني في هذا العمل، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص كتاب
"الولاء والبراء في الإسلام" كلمة التوحيد: وهي شقين: لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله. أما معنى الأول: لا معبود بحق إلا الله. وأما الثاني: فتجريد المتابعة للنبي فيما أمر والانتهاء عما عنه نهى وزجر. فهذه الكلمة ولاء لله ولدينه ولكتابه ولنبيه - وسنته - وعباده الصالحين. وبراء من حكم الجاهلية ومن كل دين غير الإسلام ومن الطواغيت والأرباب والآلهة سوى الله. شروط كلمة التوحيد: وهي سبعة شروط مجموعة في قول الشاعر:
العلم واليقين والقبول والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبة وفقك الله لما أحبه تنبيه: وليس المراد من ذلك عدها أو حفظها، وإنما المراد التزامها وعدم مناقضها. الولاء والبراء من لوازم كلمة التوحيد: لأنها تستلزم النصرة والمحبة للمؤمنين، والبغض للكافرين والبراءة منهم وجهادهم والهجرة من بلادهم الكافرة ونحو ذلك. فالولاء والبراء تحقيق لكلمة التوحيد. الرد على من زعم أن كلمة التوحيد لفظ فقط وبيان الصواب في ذلك: هذا القول باطل، والأدلة على بطلانه من عدة أوجه: 1) أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار وهم يقولون كلمة التوحيد بألسنتهم ولكن قلوبهم لا تؤمن به، فلم تنفعهم كلمة التوحيد بشيء. 2) في الحديث أنه لابد لمن قال لا إله إلا الله أن يكفر بما يعبد من دون الله، فلا يكفي التلفظ بها فلا بد من الكفر بالطواغيت والأنداد المعبودين من دون الله. 3) أن أبا بكر والصحابة - رضي الله عنهم - قاتلوا مانعي الزكاة بل وسموهم مرتدين مع أنهم يقولون كلمة التوحيد، وكذا الذين حرقهم علي رضي الله عنه. 4) أن المرجئة - أصحاب هذا القول - يقولون بكفر من أنكر البعث، ومن جحد شيئا من شرائع الإسلام مع أنه يقول كلمة التوحيد، فلا يغنيه التلفظ بها. 5) إن من أشرك بالله ولو قال كلمة التوحيد بلسانه فهو مشرك، فلا يغنيه التلفظ بها دون عمل القلب والعمل بشروطها المذكورة آنفاً. آثار الإقرار بكلمة التوحيد في حياة الإنسان: 1) أنها تنشئ في النفس عزة عجيبة، فالله هو العظيم القادر، فلا يخاف إلا منه. 2) أنها تنشئ تواضعاً من غير ذل، وترفعاً من غير كبر. 3) أن المؤمن بها يعلم أنه لا سبيل له إلى النجاة والفلاح إلى بالتمسك بها. 4) أنها أعظم نعمة على العباد فمن أجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب، ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد، وهي مفتاح الجنة، ومفتاح دعوة الرسل. نواقض لا إله إلا الله وتعليق لا بد منه: 1) الكفر والإيمان متقابلان، إذا زال أحدهما خلفه الآخر. 2) الإيمان عند أهل السنة يتكون من ثلاثة أركان وهي: قول وعمل واعتقاد، فإذا زال أحد هذه الأركان أصبح الإنسان كافراً. 3) الكفر كفران: كفر اعتقاد، وكفر عمل - كترك الصلاة - وكفر الاعتقاد خمسة أنواع: وهي كفر التكذيب وكفر الإباء والاستكبار وكفر الإعراض وكفر الشك وكفر النفاق. 4) الشرك شركان: شرك أكبر، وشرك أصغر - كالرياء - والشرك الأكبر أنواع: شرك الدعاء وشرك النية وشرك الطاعة وشرك المحبة. 5) النفاق نوعان: نفاق اعتقاد ونفاق عمل. فنفاق الاعتقاد كتكذيب الرسول وغير ذلك وهو مخرج من الملة. ونفاق العمل - إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان - 6) الردة: هي الكفر بعد الإسلام إما اعتقادا وإما نطقا وإما فعلا. - من قال الكفر كفر وإن لم يعتقده ولم يعمل به إن لم يكن مكرهاً. - ومن فعل الكفر كفر وإن لم يعتقده ولا نطق به. - من شرح بالكفر صدراٍ فقد كفر. 7) الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً أكبر أو كفراً أصغر. فيكون كفراً أكبر: إذا اعتقد الحاكم أن الحكم بغير ما أنزل الله أفضل من حكم الله، أو اعتقد أنه مثل حكم الله، أو اعتقد جواز الحكم به، أو جحد أحقية الحكم بما أنزل الله، أو حكم بالقوانين الوضعية من دون شرع الله، أو حكم بعادات الآباء والأجداد التي يسمونها "سلومهم"، فهذه الستة كلها كفر أكبر مخرج من ملة النبي صلى الله عليه وسلم[1]. ويكون كفراً أصغر؛ إن حكم في قضية أو نحوها بغير حكم الله إما شهوة وإما رشوة مع اعتقاده أنه مذنب وأن حكم الله أحسن الأحكام فهذا يكفر كفراً أصغر والكفر الأصغر أكبر من أكبر الكبائر. 8) التشريع - التحليل والتحريم - من خصائص الله ومن ادعاه لنفسه فقد أشرك. نواقض الإسلام: وأهم نواقض الإسلام عشرة - يوجد غيرها ولكن هذه أكثرها وقوعا وأهمها - وهي: 1) الشرك في عبادة الله. 2) جعل الوسائط بينه وبين الله يدعوهم ويسألهم الشفاعة. 3) عدم تكفير المشركين، أو الشك في كفرهم، أو تصحيح مذهبهم. 4) اعتقاد أن هدي غير النبي أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كتفضيل حكم الطواغيت على حكمه. 5) بغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به. 6) الاستهزاء بشيء من دين الله أو ثوابه أو عقابه. 7) السحر فعله والرضا به كفر. 8) مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين. 9) اعتقاد أن بعض الناس لا يجب عليه إتباع النبي وأنه يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليهم السلام. 10) الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به. ولا فرق فيها بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره. تعريف الولاء والبراء وأهميته: الولاء: هو النصرة والمحبة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطناً. البراء: هو البعد والخلاص والعدواة والبغض للمبغوضين ظاهراً وباطناً. - مسمى "الموالاة لأعداء الله" يقع على شعب متفاوتة، منها: ما يوجب الردة وذهاب الإسلام بالكلية، ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات. أهمية الولاء والبراء في الكتاب والسنة ونصيبه من الدراسة والتأليف: رغم أهمية هذا الموضوع ووضوحه في الكتاب والسنة إلا أن نصيبه من الدراسة والتأليف في الكتب العقدية القديمة قليل جدا، وهذا راجع إلى أمور: 1) وضوح هذا المفهوم لدى المسلمين الأوائل، لقيامهم بالجهاد في سبيل الله، ورجوعهم إلى كتاب الله وسنة رسوله، فكان لذلك الأثر في اتضاحه لديهم. 2) ظهور الخلل العقدي في صفات الله تعالى أدى إلى انشغال علماء السلف في الدفاع عن العقيدة الصحيحة في باب الصفات بكثرة قل أن تجدها في غيره. 3) دخول علم الكلام في مؤلفات المسلمين العقدية أدى إلى إقصاء هذا المفهوم. الفرق بين الكتاب والسنة وعلم الفلسفة والكلام: 1) في المصدر: فالأولى ربانية المصدر، والثانية مصدرها عقول البشر الناقصة. 2) في المنهج: فغاية علم الكلام إثبات وحدانية الخالق - توحيد الربوبية - ويظنون أن هذا هو المراد بـ "لا إله إلا الله" بينما المراد بها لا معبود بحق إلا الله - توحيد الألوهية - فالمنهج القرآني يدعوا إلى عبادة الله وحده وعلم الكلام يدعوا إلى النظر والشك وإثبات وحدانية الله التي كان يقر بها كفار قريش ولم تنفعهم. 3) قوة التأثير: إن طابع العقيدة الربانية يجعل لها سلطاناً على النفوس، بعكس الفلسفة التي تدل على جهل أصحابها. 4) الأسلوب: فالعقيدة الربانية تخاطب الناس كافة بوضوح في البيان وإعجاز في اللفظ والمعنى فهي سهلة لكافة البشر، أما علم الفلسفة فأسلوبه المصطلحات المعقدة وأسلوبهم يسير على نمط واحد وهو "فإن قيل لنا كذا: قلنا لهم كذا". أما الأسلوب القرآني فيعرض العقيدة على نمطين: الأول: توحيد في الإثبات والمعرفة: أي إثبات حقيقة الرب وصفاته وأسمائه وأفعاله وهو الذي يعرف بتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات. الثاني: وهو ما يعرف بتوحيد الألوهية أو العبادة وهو لا معبود بحق إلا الله. ويعرف الأول بأنه توحيد علمي خبري والثاني بأنه توحيد إرادي طلبي. من طرق منهج العقيدة في ترسيخ عقيدة الولاء والبراء: 1) الأمر بالكفر بالطاغوت وهو كل معبود أو متبوع أو مطاع سوى الله. 2) التحذير من التفاخر بالآباء فقد يكون بعضهم من فحم جهنم. 3) استخدام مشاهد يوم القيامة لتصوير الخصومة بين المتبوعين والأتباع. 4) ضرب الأمثال، وأبرز مثال لإبراهيم عليه السلام وسنتكلم عن ذلك لاحقاً. 5) استخدام التهديد والوعيد بعد البيان وإقامة الحجة. أولياء الرحمن وأولياء الشيطان وطبيعة العداوة بينهما: أولياء الرحمن هم الذين أجابوا دعوة الرسل، وأولياء الشيطان هم الذين أعرضوا عنها. ومن صفات أولياء الرحمن استجابتهم لحكم الله بالعكس من أولياء الشيطان. طبيعة العداوة بين الفريقين: عداوة الشيطان لأولياء الرحمن تتمثل في سبع مراتب: 1) الكفر والشرك: وبذلك يصبح الإنسان من جند الشيطان وعساكره. 2) البدعة: فهي أعظم من المعاصي لأنها تضر بالدين وتخالف دعوة المرسلين. 3) الكبائر: ويركز الشيطان فيها على من كان عالماً لينفر الناس عنه. 4) الصغائر: ومعلوم أنها إذا اجتمعت على الإنسان أهلكته. 5) الإشغال بالمباحات: فلا فائدة فيها إذ لا ثواب فيها ولا عقاب. 6) الإشغال بالمفضول عن الفاضل: لتزاح عنه الفضيلة ويفوته ثواب العمل الفاضل. 7) أن يسلط عليه حزبه من الإنس والجن بأنواع الأذى وتضليله وتكفيره والتحذير منه. سبب العداوة بين الشيطان وأولياءه وأولياء الرحمن: 1) الكبر: فأولياء الشيطان استكبروا عن الحق وعلى الرسول والرسالة. 2) استحباب الحياة الدنيا على الآخرة. 3) الحسد: فأولياء الشيطان يكنون للمؤمنين الحسد فهم يريدون أن يكونوا سواءً في الكفر. 4) سلب الهيمنة والولاء: وأما طبيعة عداوة أولياء الرحمن لأعدائهم فهي تطبيقاً لعقيدتهم التي يجدونها في دينهم. وليعلم أن أولياء الرحمن لا يلتقون مع أعدائهم في منتصف الطريق بل يسلكون ملة إبراهيم وطريقة الأنبياء والمرسلين في البراءة منهم والكفر بهم وبمعبوداتهم الباطلة. عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء: كيف يعامل أولياء الرحمن الناس بعقيدة الولاء والبراء؟ 1) المسلمون: وهم على قسمين: الأول: من يحبونهم جملة وهم المؤمنون القائمون بوظائف الإسلام. الثاني: من يحبونه من وجه ويبغضونه من وجه، وهم المسلمون الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فيحبون على ما فيهم من خير وصلاح، ويبغضون على ما فيهم من شر وفساد. 2) الكفار أو المرتدين: وهؤلاء يبغضونهم جملة وتفصيلاً. - من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الولاء والبراء يجب أن يكون كاملاً بالقلب. موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب البدع والأهواء: تنقسم البدع إلى أقسام، فمنها ما هي مكفرة، ومنها ما هي من المعاصي التي يختلف فيها هل هي كفر أم لا؟ كبدعة المرجئة والخوارج وغيرهم، ومنها ما هو معصية متفق على أنها ليست بكفر، ومنها ما هو مكروه. فكل واحدة من هذه البدع تقدر بقدرها من البراءة. أسوة حسنة في الولاء والبراء من الأمم الماضية: 1) إبراهيم الخليل عليه السلام: فقد كان أسوة حسنة في هذا الباب، فقد تبرأ من قومه ومنهم والده، بعد أن تدرج معهم في أسلوبه في الدعوة، فاستخدم معهم أسلوب الدعوة بالحسنى، ثم لما لم يجد ذلك شيئاً استخدم معهم أسلوب إقامة الحجة، ثم لما لم ينفع معهم ذلك أخذ بالبراءة منهم والكفر بهم وبآلهتهم (إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ)، فلا تصح الموالاة إلا بالمعادة، فلم تصح لخليل الله هذه الموالاة والخلة إلا بتحقيق المعاداة. فإنه لا ولاء إلا لله، ولا ولاء إلا بالبراء من كل معبود سواه، لذلك كله واجه إبراهيم عليه السلام ما واجه من إلقاءه في النار، ولكن كانت العاقبة له، وكانت أوامر الله تأمر بإتباع طريقته في غير ما موضع من كتاب الله (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ)، فكل من لم يسلك طريقته من الدعاة والعلماء فهو ممن سفه نفسه بنص الآية. 2) اعلم أن الأنبياء ساروا على ما سار عليه إبراهيم عليه السلام، فهذا نبي الله نوح وموقفه مع ابنه العاصي، وموقفه هو ولوط مع زوجتيهما الخائنتين - خيانة الدين لا خيانة الفاحشة - 3) وهذه امرأة فرعون تبرأت من زوجها الطاغوت وقومه. 4) وهذا مؤمن آل فرعون دافع عن موسى حين عزم فرعون على قتله. 5) وهؤلاء أصحاب الكهف الذين تركوا الأهل والوطن حين علموا أن لا طاقة لهم بمواجهة قومهم. فلا سبيل للالتقاء مع أولياء الشيطان حين يتباين الطريقان فلا بد من الفرار بالعقيدة. - هذه العقيدة عظيمة، فقد جمعت أبا بكر القرشي وصهيباً الرومي وبلالاً الحبشي تحت رايتها. الولاء والبراء في العهد المكي: إن الذي يزعج الطواغيت هو أن ينزع الإنسان ولاءه منهم ويتبرأ منهم ويسبهم ويكفرهم ويجاهدهم بلسانه ويده، فلا يزعجهم مجرد العبادة دون البراءة منهم، وهذا الكلام لمن تأمله صحيح فقد ذكرنا ما حصل لإبراهيم عليه السلام، ومعلوم ما حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم حيث أنه كان يذم آلهة المشركين فكانوا يقولون "سب آلهتنا وسفه أحلامنا وذم آبائنا" فهذا الذي كانوا يتأذون منه، ومعلوم أن مجرد العبادة كالصلاة والزكاة والصوم وغيرها لا تؤذيهم. - صدق التحمل: لما جهر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته مس المسلمين من أصناف العذاب شيء كثير فما كان منهم إلى الصبر على الأذى والهجر الجميل.

سمات العلاقة بين المسلمين وأعدائهم في العهد المكي: إن المرحلة المكية كانت تقتضي أن تكون العلاقة بين المسلمين وغيرهم علاقة غير قتالية، بل علاقة بيان للحق وصبر على الأذى فيه. ما الحكمة من الأمر بكف اليد عن القتال في مكة؟ 1) يقول ابن عباس: "لو أمر المسلمون وهم أقل من العشر بقتال الكفار لشق عليهم ذلك". 2) وربما تكون الحكمة في كون الفترة المكية فترة تربية وإعداد فكان من أهداف التربية تربية الفرد على الصبر على ما لا يصبر عليه عادةً. 3) وربما لأن الدعوة السلمية أشد أثر في بيئة قريش العنجهية، فالقتال معها يؤدي للعناد. 4) وربما كان ذلك اجتناباً لإنشاء معركة داخل كل بيت، وقد اشتهر عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه كان يفرق بين الولد ووالده و ... فكيف إذا ضم إلى ذلك القتال. 5) وربما لما يعلمه الله من أن كثيراً من المعاندين سيكونون من جند الإسلام، ألا ترى عمر؟ 6) "ومنها كونهم كانوا في بلدهم وهو بلد حرام وأشرف بقاع الأرض"[2]. - بر الأقارب المشركين: رغم الأمر بالولاء والبراء إلا أن القرآن أمر بصلة الأرحام (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً). كيف كانت صورة البراء في العهد المكي؟ جاء الأمر بالإعراض عن الكفار والصبر على الأذى مع إعلان البراءة من دينهم وأنه باطل. - لكم دينكم ولي دين: لما يأس الكفار من دعوة المسلمين دعوا رسول الله إلى عبادة أوثانهم سنة وأن يعبدون هم معبوده سنة فأنزل الله (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ... السورة)، وقد أخطأ بعض المنتسبين للعلم في فهم هذه السورة، ففهم منها إقرار الكفار على دينهم، وفهم بعضهم أن السورة منسوخة بما حصل من القتال، وكلا القولين غير صحيح، فهذا رسول الله لم يزل في أول الأمر وأشده عليه وعلى أصحابه أشد على الإنكار عليهم وعيب دينهم وتقبيحه.. فكيف يقال أن الآية اقتضت تقريراً لهم؟ ولكن الآية اقتضت البراءة المحضة وأن ما أنتم عليه من الدين لا نوافقكم عليه أبداً. ويفسر ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه في شأن هذه السورة "ليس في القرآن أشد غيظاً لإبليس منها، لأنها توحيد وبراءة من الشرك". الولاء والبراء في العهد المدني: نبذة تاريخية: لما أذن الله بالهجرة خرج المسلمون إلى المدينة ولم يبق بمكة إلا رسول الله وأبا بكر وعلي ومن احتبسه المشركون كرهاً، ولما علم المشركون بذلك خافوا خروج رسول الله وعلموا أنه سيكون له دار منعة بذلك فأجمعوا على قتله صلى الله عليه وسلم ، فكانت حماية الله أكبر من مكرهم، ووجد المهاجرون في المدينة أنصار الله الذين شاركوهم الأموال والمساكن والزوجات، وكان أول عمل قام به رسول الله بناء المسجد ليكون منطلقاً لدعوة الإسلام وملتقى للمسلمين، ومدرسة في تعلم أمور الدين، وهو مكان القيادة العسكرية للجهاد. وقفة عند المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار: إن هذه المؤاخاة كانت الركيزة الأساسية في تكوين مفهوم اجتماع الأمة وقد كانت تدريباً عملياً على الأخوة الإسلامية. سمات الولاء والبراء في العهد المدني: من المعلوم أن العهد المدني قد ابتدأ بالهجرة إلى الله بالدين، ثم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ثم قيام الدولة المسلمة، ثم الجهاد في سبيل الله. - هناك ثلاثة أمور هامة في سمات الولاء والبراء في العهد المدني: أولاً: كيد أهل الكتاب للإسلام وتحذير المسلمين من موالاتهم: من المعلوم عند كل منصف أن اليهود أمة حاقدة في طبعها خائنة للعهود والمواثيق، ولما قامت الدولة المسلمة في المدينة النبوية لم يهدأ لليهود بال فكانوا يكيدون للإسلام وأهله وولدوا النفاق وخانوا العهود وولوا المشركين وآذوا رسول الله، فجاء تحذير القرآن من إتباعهم هم والنصارى وبيَّن أنهم لا يرضون - أهل الكتاب - إلا بإتباع ملتهم ودينهم. ثانياً: النفاق والمنافقون: إن العهد المكي كان يحوي صنفين من الناس: المسلمون، والكفار ولم يكن هناك منافقون لأن النفاق - أعني إظهار الإسلام وإبطان الكفر - دين لا يظهر إلا حين تكون الغلبة لأهل الإسلام ليحفظوا بذلك أموالهم ودمائهم وهم أشر على الإسلام وأهله من الكفار وهم في الدرك الأسفل من النار. ولتمييز الصادق من الكاذب لابد من الابتلاء. - ومن أبرز صفات المنافقين في كيدهم للدعوة الإسلامية: مظاهرة اليهود والنصارى على المسلمين، ومن صفاتهم رفض التحاكم إلى شريعة الله وتحاكمهم إلى الطواغيت التي تحقق رغباتهم، ومنها تخذيل المسلمين ومحاولة تفريقهم وبلبلة صفهم والتجسس للكفار. ثالثاً: البراء والمفاصلة التامة في العهد المدني بين المسلمين وجميع أعدائهم: في هذا العهد أُذن للنبي صلى الله عليه وسلم بقتال من قاتله، ثم أُذن له بقتال المشركين كافة. فكان معه الكفار بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام: أهل صلح وهدنة وأهل حرب وأهل ذمة، فأهل العهد كانوا على أقسام فمنهم من نقض عهده فأُمر بقتالهم، وقسم لهم عهد مؤقت فأُمر أن يتم عهدهم إلى مدتهم وقسم لم يكن لهم عهد فأُمر أن يمهلهم أربعة أشهر. وأُمر بقتال الكفار حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في دين الإسلام وأمر بجهاد المنافقين والغلظة عليهم بالحجة واللسان. - من أهداف الجهاد: أن يعبد الله وحده وتهيمن شريعته وينقذ المستضعفين في الأرض. أ) صور البراءة من المشركين: وصور البراءة منهم متعددة فمنها اجتثاث شجرة الشرك في مكة ومنها منعهم من دخول المسجد الحرام ومنها منع النكاح بالمشركات ومنها منع المسلم من الإقامة في دار الشرك. ب) البراء من أهل الكتاب: فكان الأمر بجهادهم بعد أن وجه القرآن التقريع والتأنيب لهم وخصوصاً في سورة آل عمران التي كانت تناديهم ب (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ...)، وكذلك فقد بيَّن القرآن أنهم ليسوا على شيء حتى يقيموا شرع الله. ج) البراء من المنافقين: وسيرته صلى الله عليه وسلم فيهم أن يقبل منهم علانيتهم، ويكل سرائرهم إلى الله، وأن يجاهدهم بالعلم والحجة. وأمره الله أن يعرض عنهم ويغلظ عليهم وأن لا يقبل لهم عذر في التخلف عن الجهاد ومن ثم عدم قبولهم في المعارك الأخرى، ونهاه أن يصلي عليهم وأن يقوم على قبورهم وأخبره أنه إن استغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم. د) قطع الموالاة مع الأقارب إذا كانوا محادين لله ورسوله: ذكرنا في العهد المكي أن المسلمون كانوا مأمورين بصلة أرحامهم من الكافرين، وأما في هذا العهد فقد جاءت المفاصلة التامة بين المسلمين وأرحامهم من المشركين في آيات كثيرة بينت أن المسلم لا يواد من حاد الله ورسوله ولو كان من أقربائه فالقضية قضية إيمان وكفر وأما برُّ الوالدين وهما كافران فهو أمر باقٍ إلى قيام الساعة، والخلاصة أن الولاء والبراء قد اكتملت صورته الحقيقية في العهد المدني. صور الموالاة ومظاهرها: 1) الرضا بكفر الكافرين وعدم تكفيرهم أو الشك في كفرهم أو تصحيح أي مذهب من مذاهبهم الكافرة كفر. فمن يحب الكافر لأجل كفره فهو كافر بإجماع المسلمين. 2) التولي العام واتخاذهم أعواناً وأنصاراً وأولياء أو الدخول في دينهم. 3) الإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر أو التحاكم إليهم دون كتاب الله. 4) مودتهم ومحبتهم. 5) الركون إليهم. 6) اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين. 7) توليتهم أمراً من أمور المسلمين. 8) طاعتهم فيما يأمرون ويشيرون به. 9) استئمانهم وقد خونهم الله. 10) الرضا بما هم عليه من الكفر. 11) مداهنتهم ومداراتهم ومجاملتهم على حساب الدين. 12) نصرتهم على ظلمهم. 13) مجالستهم والدخول عليهم وقت استهزائهم بآيات الله. 14) البشاشة لهم وانشراح الصدر لهم وإكرامهم وتقديمهم. 15) مناصحتهم والثناء عليهم ونشر فضائلهم. وهذا مما ابتليت به الأمة في هذا الوقت, 16) إطلاق الألفاظ المعظمة عليهم كالتي تطلق على السادة والحكام. 17) السكنى معهم في ديارهم وتكثير سوادهم. 18) التآمر معهم وتنفيذ مخططاتهم والتجسس لهم على عورات المسلمين وأسرارهم والقتال في صفهم خاصة إذا كان القتال معهم ضد المسلمين. فهي من أخطر الصور. 19) الهروب من دار الإسلام إلى دار الكفر بغضاً للمسلمين وحباً للكافرين. 20) الانخراط في الأحزاب العلمانية أو الإلحادية وبذل الولاء والنصرة لها. ما يقبل من الأعذار وما لا يقبل في هذه الصور: إن الله تعالى لا يقبل عذراً لأحد في إظهار موالاته للكافرين إلا عذراً واحد وهو الإكراه. والإكراه لا ينفع أحداً فيما يتعلق بالرضا القلبي فلا بد أن يكون القلب مبغضاً لهم. ومن المعلوم أن الإكراه لا سلطان له على القلوب. فمن والى الكفار بقلبه ومال إليهم فهو كافر على كل حال، فإن أظهر موالاتهم بلسانه أو بفعله عومل في الدنيا بكفره وفي الآخرة يخلد في النار، وإن لم يظهرها بفعل ولا قول وعمل بالإسلام ظاهراً عصم ماله ودمه وهو منافق في الدرك الأسفل من النار. موقف المسلم تجاه هذه الصور: لكي يكون ولاء المسلم لله ولدينه وللمؤمنين خالصاً لا بد أن يكون مدركاً لحقيقة التوحيد ممتثلاً له. ولا بد له أن يعرف الجاهلية والكفر والردة والشرك. فبذا يكون اجتناب هذه الصور. الرد على الخوارج والرافضة في عقيدة الولاء والبراء: قد يقول بعض الضالين في عقيدة الولاء والبراء أن هذه العقيدة من مصطلحات الخوارج والرافضة فكيف تدرجونه في معتقد أهل السنة والجماعة؟ فنقول: الجواب من عدة أوجه: 1) إننا مطالبون بالتزام ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . 2) إننا لسنا مستعدين للتنازل عما نعتقده وندين الله به من أجل أن ناعقاً أو زاعقاً أخذ به. 3) هل يستطيع مسلم أن يقول عن أبينا إبراهيم الخليل - وهو القدوة في هذا الباب - وغيره من الأنبياء أنهم استخدموا مصطلحات الخوارج والرافضة! مع أن الخوارج والرافضة جاءوا بعدهم. 4) إن هذا المبدأ ورد بالكتاب والسنة ولكن الخلل حصل في أفهام الخوارج والرافضة السقيمة. معتقد الخوارج في الولاء والبراء: والخوارج هم الذين مرقوا من الدين، وخرجوا على السلاطين المسلمين، وسلوا السيوف على أمة الإسلام والمسلمين، وكفروا كثيراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصهاره ورموهم بالعظائم، وكفروا أصحاب الكبائر وبعضهم كفر أصحاب الصغائر وقالوا إنهم خالدون في النار إن لم يتوبوا، ومن أسمائهم الحرورية والأزارقة والنجدية والإباضية فكلهم خوارج. وأما معتقدهم في الولاء والبراء: فإنهم لا يتولون إلا من هو على طريقتهم من الغلو في التكفير، وهم يتولون أبو بكر وعمر ويتبرؤن من عثمان وعلي رضي الله عنهم. معتقد الرافضة في الولاء والبراء: والرافضة هم الذين يكفرون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسبونهم إلا ثلة قليلة منهم، وهم فرقة باطنية خبيثة، وهم شر على الإسلام وأهله من اليهود والنصارى، فهم شجاً في حلوق المسلمين، فكم والوا أعداء الإسلام لإسقاط دول الإسلام؟! وهم زنادقة لا يشك مسلم بذلك. وأما معتقدهم في الولاء والبراء: فإنهم يقولون: لا ولاء إلا ببراء أي لا يتولى أهل البيت حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ومن أحفادهم في الوقت الحاضر النصيرية الكافرة التي ابتلي بها أهل الشام، والإثني عشرية. وأما أهل السنة فإنهم فيحبون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم فيتولونهم جميعاً، ويتبرؤن ممن يبغضهم، ويرون أن حبهم دين وإيمان، وبغضهم كفر وطغيان ونفاق. من مقتضيات الولاء والبراء: اعلم أن المحبة تنقسم إلى أربعة أقسام: 1) محبة شركية وأصحابها مشركين. 2) محبة الباطل وأهله، وبغض الحق وأهله، وهي صفة المنافقين. 3) محبة طبيعية مثل محبة المال والولد إذا لم تشغل عن الطاعة ولم تُعِن على المعصية فهي مباحة. 4) حب التوحيد وأهله وبغض الشرك وأهله وهي أوثق عرى الإيمان. ومن هذه المقدمة فإن من مقتضيات الولاء والبراء: حق المسلم على المسلم: وهي كثيرة جداً ونذكر منها ما يتعلق بالموضوع: 1) المودة: وهذه للمؤمنين فقط، فليس للكافر والمبتدع فيها نصيب. 2) النصرة: بالنفس والمال والذب عن عرضه والدعاء له في ظهر الغيب وتتبع أخبار المسلمين في أنحاء المعمورة، فبهذا كله يصبح المسلمون كالجسد الواحد. الهجرة: ونتحدث فيها عن مسألتين: المسألة الأولى: الإقامة في دار الكفر: ودار الكفر: هي التي يحكمها الكفار، ويكون لهم فيها الغلبة، وتجري فيها أحكام الكفر، ولو كان جمهور أهلها من المسلمين، وهي نوعين: 1) دار كفار حربيين. 2) دار كفار مهادنين بينهم وبين المسلمين صلح وهدنة. ودار الإسلام: هي التي يحكمها المسلمون، ويكون لهم فيها الغلبة، وتجري فيها أحكام الإسلام، ولو كان جمهور أهلها من الكفار. - أما حكم الإقامة في دار الكفر فقسمها الشيخ حمد بن عتيق إلى ثلاثة أقسام: 1) أن يقيم عندهم رغبة واختياراً لصحبتهم فيرضى ما هم عليه من الدين أو يمدحه، أو يرضيهم بعيب المسلمين أو يعاونهم على المسلمين بنفسه أو بماله أو لسانه فهو كافر. 2) أن يقيم عندهم لأجل مال أو ولد أو بلاد وهو لا يظهر دينه مع قدرته على الهجرة ولا يعينهم على المسلمين بشيء، ولا يواليهم بقلبه ولا لسانه، فهو عاصٍ لله لتركه الهجرة. 3) من لا حرج عليه في الإقامة بين ظهرانيهم، وهو نوعان: أ) أن يظهر دينه بالبراءة منهم ومن دينهم ويصرح لهم بذلك فهذا إظهار الدين الذي لا تجب الهجرة معه، وليس المراد بإظهار الدين أن يتركوه يصلي ويصوم فالكافر لا يمنعون من ذلك. ب) أن يقيم عندهم مستضعفاً، ولا بد له أن يسأل الله فيقول: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) لعله أن يكون ممن قال الله فيهم: (فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً). أما حكم السفر إلى دور الكفر الحربية للتجارة: أن كان بقدر على إظهار دينه ولا يوالي المشركين فيجوز له ذلك، وإلا فلا يجوز له ذلك. المسألة الثانية: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام: الهجرة هجرتان: هجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، وهجرة إلى الله ورسوله وهي الحقيقية. ولأهمية الهجرة فقد قطع الله ولاية التناصر بين المهاجرين إلى المدينة وبين الذين لم يهاجروا. أحكام الهجرة: 1) الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام فرض إلى يوم القيامة. 2) الخروج من أرض البدعة: يقول الإمام مالك: لا يحل لأحد أن يقيم ببلد سب فيها السلف. 3) الخروج عن أرض غلب عليها الحرام. فإن طلب الحلال فرض على كل مسلم. 4) الفرار من الأذية في البدن، فإن خشي على نفسه في موضع فقد أذن الله له في الخروج. 5) خوف المرض في بعض البلاد. 6) الفرار خوف الأذية في المال. الجهاد في سبيل الله: وهو من أعظم مقتضيات الولاء والبراء، وهو بذل الجهد في قتال الكفار. وهو أنواع كثيرة: منها مجاهدة النفس ويكون ذلك على تعلم أمور الدين ثم على العمل بها. ومنها مجاهدة الشيطان ويكون ذلك على دفع ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات. ومنها مجاهدة الكفار باليد والمال واللسان والقلب، ومنها مجاهدة الفساق باليد فاللسان فالقلب. واعلم أنه لم يرد في ثواب الأعمال وفضلها مثل ما ورد في الجهاد لأن نفعه عام لفاعله ولغيره، ولأنه يشتمل على الموالاة في الله والمعادة فيه وبذل النفس له في محاربة عدوه ما لا يشتمل عليه عمل آخر، والقائم به بين إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشاهدة. وقد وردت نصوص كثيرة جداً في فضيلته منها (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وغيرها كثير من بيان أنها التجارة الرابحة والأدلة في ذلك كثيرة معلومة. أما من السنة فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض". وفي البخاري: "ما اغبرتا قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسه النار". وفيه أيضاً: أن رجلاً جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: "لا أجده. هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر؟"، قال: ومن يستطيع ذلك! وغيرها كثير. ومع هذا الثناء الجميل لفاعله، فقد ورد الذم لتاركه، بل إن الله وصفهم بالنفاق. والجهاد ذروة سنام الإسلام، وهو ضرورة للدعوة وسنة ربانية في الابتلاء والتمحيص، واعلم أن منهج الجهاد منهج تكرهه الطواغيت، فهو منهج غير منهجهم، فهم يحاولون القضاء عليه.

حكم التجسس على المسلمين: التجسس خيانة عظيمة، وهي من صور موالاة الكفار التي يتراوح الحكم فيها بين الكفر الأكبر إذا كان تجسسه حباً في انتصار الكفار وبين أن يكون كبيرة من الكبائر إذا كان لأجل الدنيا. واعلم أن الجاسوس الكافر يجب قتله لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الجاسوس المسلم فوقع فيه الخلاف فمالك وأحد الروايتين عن أحمد على أنه يجوز قتله، والشافعي وأبو حنيفة والأظهر عند أحمد أنه لا يجوز واستدل الجميع بقصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه. وأما التجسس للكفار الحربيين فهو كفر كما أفتى بذلك المحقق والمحدث الشيخ أحمد شاكر. هجر أصحاب البدع والأهواء: اعلم أن فساد الدين يأتي من أحد طريقين: البدع وإتباع الهوى. قسم ابن القيم رحمه الله مخالطة الناس إلى أربعة أقسام: 1) من مخالطته كالغذاء فلا يستغنى عنهم وهم العلماء الربانيون، ففي مخالطتهم الربح كله. 2) من مخالطته كالداء، وهم على أنواع: فبعضهم كالداء العضال فهؤلاء يُخْسر معهم الدين والدنيا أو أحدهما، ومنهم من مخالطته كوجع الضرس يؤلمك فإذا فارقك سكن الألم، ومنهم من مخالطته كحمى الروح وهو الثقيل البغيض العقل فإذا تكلم أعجب بكلامه مع أن كلامه لا فائدة فيه، وإن سكت كان ثقيلاً، وهذا الصنف عاشره بالمعروف حتى يجعل الله لك منه فرجاً. 3) من مخالطته فيه الهلاك كله، وهذا بمنزلة أكل السم، فإن اتفق لآكله الدواء وإلا فأحسن الله فيه العزاء، وما أكثر هؤلاء في الناس لا كثرهم الله، وهم أهل البدع والضلال، الذين يحبون تارك السنة، ويبغضون المتمسك بها، فحاول أن تلتمس رضى الله بإغضابهم ولا تبالي بذمهم. - ذكرت لك أن من كانت بدعته كفرية أنه يتبرأ منه براءة كاملة كالبراءة من الكفار أما من كانت بدعته دون ذلك فتختلف باختلاف الأشخاص والأزمان. - اعلم أن الهجر الشرعي نوعان: فأولهما: بمعنى ترك المنكرات، وثانيهما: بمعنى العقوبة لفاعلها. والثاني يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وكثرتهم وقلتهم فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي الهجر إلى ضعف الشر كان مشروعاً، وإن كانت المفسدة راجحة بحيث يفضي الهجر إلى زيادة الشر لم يكن مشروعاً، بل التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، وهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يتألف قوماً ويهجر آخرين. انقطاع التوارث والنكاح بين المسلم والكافر: آن أن يعلم المؤمنون أن لا رابطة إلا رابطة الإيمان، فقد حرم الله نكاح المسلمة للكافر أياً كان دينه لئلا يكون له سلطة عليها فهم يدعون إلى النار كما قال تعالى: (أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)، وحرم نكاح المشركات على المسلم إلا نكاح الكتابيات منهن. وانقطاع التوارث فبقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم". وروي عن معاذ ومعاوية أنهما قالا أن المسلم يرث الكافر ولا يرثه الكافر، كما أن المسلم ينكح الكتابية، وأما المرتد فلا يرث أحد عند العلماء لا مسلماً ولا كافراً ولا مرتداً مثله. النهي عن التشبه بالكفار والحرص على حماية المجتمع الإسلامي: إن التشبه بالكفار في الظاهر يورث التشبه بهم في العقيدة، أو مودتهم، وهذا أمر خطر جداً. واعلم أن الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة جداً في النهي عن التشبه بالكفار. وتفصيل مخالفة أهل الكتاب يندرج تحت ثلاثة أقسام: 1) ما كان مشروعاً لنا وهم يفعلونه، كصيام عاشوراء وكأصل الصلاة والصيام، فالمخالفة هنا تقع في صفة ذلك العمل، كما سن لنا صوم تاسوعاء وعاشوراء مخالفة لهم وأمثال هذا كثير. 2) ما كان مشروعاً ثم نسخ بالكلية كالسبت، وقد نهينا عن موافقتهم فيه وكذلك أعيادهم. 3) ما أحدثوه من العبادات أو العادات أو كليهما، فهو أقبح وأقبح. فحكم الموافقة في الأول مكروهة وفي الثاني محرمة وفي الثالث أشد حرمة. ما بين التشبه والولاء من علاقة: أمر الشارع الحكيم بمخالفة الكفار - في الهدي الظاهر - وما ذلك إلا لحكم جليلة منها: 1) إنها تورث تناسباً بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال. 2) إنها توجب الانقطاع عن أهل الضلال والانعطاف على أهل الهدي. 3) إنها توجب الاختلاط الظاهر فيصبح التمييز بين الفريقين صعباً. مثال واحد من مشابهة اليهود والنصارى؛ (العيد): قد وردت أدلة كثيرة تحرم التشبه بهم في هذا الشأن من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار: أما الكتاب: فقال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)، فقد قال مجاهد وغيره: إنها أعياد المشركين. ومن السنة: عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر". ووجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقر اليومين الجاهليين ولم يتركهم يلعبون فيهما. أما الإجماع: فإن اليهود والنصارى ما زالوا في أمصار المسلمين يفعلون أعيادهم ومع ذلك لم يكن على عهد السلف من المسلمين من يشركهم في شيء من ذلك، وكذلك ما فعله عمر رضي الله عنه بخصوص أهل الذمة - وسيأتي - وما اتفق عليه الصحابة والفقهاء أن أهل الذمة لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام. وأما الاعتبار: فالأعياد من جملة الشرع، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، بل إن الأعياد من أخص ما تتميز به الشرائع، فالموافقة فيها موافقة في الكفر. صورة مشرقة من صور التميز في المجتمع الإسلامي الأول: وهنا نتكلم عن أهم "الشروط العمرية" التي وضعها عمر رضي الله عنه لأهل الذمة، وأهم هذه الشروط: ألا يحدثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب، ولا يأووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يظهروا شركاً، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام، وأن يوقروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتكنوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يلزموا زيهم حيث كانوا، ولا يظهروا صليباً، ولا شيئاً من كتبهم في طرقات المسلمين، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من محضرة المسلمين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يظهروا النيران معهم... فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمة لهم. أين تلك العزة من الضعف الذي نحن فيه؟! ترى هل المسلمون اليوم في درجة الذميين للكفار؟! اعلم أن العلماء قد ذكروا ما ينتقض به عهد الذمي، وهذه النواقض هي: 1) الإعانة على قتال المسلمين، وقتل المسلم أو المسلمة. 2) قطع الطريق عليهم. 3) إيواء الجواسيس أو التجسس للكفار بأن يكتبوا لهم أسرار المسلمين. 4) الزنا بالمسلمة. 5) فتن المسلم عن دينه. 6) سب الله أو الرسول صلى الله عليه وسلم . وسب الله والرسول كفر يقتل المسلم به وينتقض عهد الذمي به والأدلة على ذلك كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار وللاستزادة راجع الصارم المسلول لشيخ الإسلام ابن تيمية. الأمكنة التي يمنع أعداء الله من دخولها والإقامة فيها: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا... الآية)، وقال صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب". فبهذا النص فلا يجوز لهم الإقامة في جزيرة العرب وهي مكة والمدينة ونجد وقراها عند الشافعي، وقد ذكر الإمام أحمد وابن تيمية في الاقتضاء أنها من بحر القلزم - البحر الأحمر - شرقاً إلى بحر البصرة - الخليج العربي - غرباً ومن اليمن جنوباً إلى الشام شمالاً بحيث تدخل اليمن، ولا تدخل الشام، ولا يجوز للكفار أن يدخلوا حرم مكة أبداً، وأما حرم المدينة فإن كان لمصلحة فجائز أقل من ثلاث ليال. اعتراض وجوابه: قد يقول قائل: أن أهل الكتاب لا يسمون مشركين فلا يدخلون في الآية والحديث. الجواب: ما ذكره شيخ الإسلام أن أصل دينهم التوحيد، ولكن الشرك طارئ عليهم، فهم من المشركين باعتبار ما عرض لهم لا باعتبار أصل الدين، ولو قدر أنهم لم يدخلوا في لفظ الآية دخلوا في عمومها المعنوي وهو كونهم نجساً والحكم يعم بعموم علته.

تعامل المسلمين مع غير المسلمين وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: الفرق بين الموالاة وحسن المعاملة: كلمة حول ما يسمى بزمالة الأديان: هذه الفكرة هي من أفكار المنهزمين من المسلمين، فهم يتناسون ما قرره القرآن في أن الكفار بعضهم أولياء بعض في حرب المسلمين، فمن السذاجة الظاهرة أن يظن ظان أن لنا وإياهم طريقاً واحداً نسلكه لتمكين الدين، فهذا باطل لا يقوله عالم فمن المعلوم أننا مطالبون بقاتلهم على الإسلام فإن أبوا فالجزية فإن أبوا فليس لهم عندنا إلا السيف لا كما يقول هؤلاء المنهزمون، والله المستعان على ما يصفون. الفرق بين الموالاة والمعاملة بالحسنى: إن المعاملة بالحسنى والتسامح يكون في المعاملات الشخصية لا في التصور الاعتقادي، فالله لا يقبل ديناً إلا الإسلام، وهذا معلوم، فالموالاة الممثلة بالحب والنصرة شيء والممثلة بالنفقة والصلة والإحسان إليهم شيء آخر فتنبه لذلك. المبحث الثاني: التعامل مع الكفار: وسأذكر هنا عدة أمور: 1) التعامل معهم في البيع والشراء: وهو في الأصل مباح، وقد يكون حراماً بأمور منها: أن يبيعهم ما يعينهم به على المحرمات كأن يبيعهم عنباً أو عصيراً يتخذونه خمراً، ويحرم كذلك إن علم أن مما معهم من المبيعات قد غصبوها من معصوم إلا أن يشتريها على وجه الاستنقاذ، وقد يكون بيعهم كفراً: كأن يبيعهم أشياء يعلم أنهم يستخدمونها في حرب المسلمين، والله أعلم. 2) عيادتهم وتهنئتهم: أما عيادتهم فتشرع إذا رجي أن يجيب إلى الدخول في الإسلام، فأما إذا لم يطمع في ذلك فلا. وأما تهنئتهم: فإن كانت على شعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، ويدخل في هذا تعظيمهم ومخاطبتهم بالسيد وهذا حرام قطعاً، ولا يخاطبون بالصالح أو الرشيد. 3) حكم السلام عليهم: وهذه المسألة فيها خلاف بين السلف: فقال قوم لا يبدءون بالسلام وقال قوم بل يبدءون بالسلام بلفظ السلام لسبب كحق صحبة أو جوار أو سفر. أما رد السلام عليهم فالجمهور على وجوبه، وقالت طائفة لا يجب، ويكون الرد بلفظ وعليكم. المبحث الثالث: الانتفاع بالكفار وبما عندهم: إن الإسلام يتسامح في أن يتلقى المسلم من غير المسلم ما ينفعه من العلوم وذلك حين تنعدم هذه العلوم من مسلم تقي، ويجوز الانتفاع بهم في غير ذلك، ولكن الإسلام لا يبيح أن يتلقى المسلم أي شيء يتعلق بدينه منهم، وأدلة الانتفاع بهم موجودة في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد استأجر خريتاً لما هاجر إلى المدينة وغير ذلك وهذا مذهب عامة الفقهاء، وإنما الممتنع أن يؤاجر المسلم نفسه من المشرك لما فيه من إذلال المسلم وكره أهل العلم لمن يعيش في دار الحرب ذلك إلا بشرطين: أن يكون عمله فيما يحل للمسلم فعله وأن لا يعود ضرر فعله على المسلمين. أما مسألة استئجار المشرك في الغزو: فقد ورد النهي بذلك، وذلك حين استأذن احد المشركين النبي صلى الله عليه وسلم في أن يصيب معه في المعركة وهو مشرك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فارجع فلن أستعين بكافر"، ومع هذا فقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، فذهبت جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين مطلقاً مستدلين بالحديث السابق، وذهبت طائفة إلى أن للإمام أن يستعين بهم بشرطين: أن يكون في المسلمين حاجة إلى ذلك، وأن يكونوا ممن يوثق بهم، فإن فقد هذان الشرطان لم يجز للإمام ذلك، وقالوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بيهود بني قينقاع وبصفوان بن أمية في قتال هوزان. وأما استعمالهم في شيء من ولايات المسلمين ففضلاً عن أنه مخالفة صريحة للشرع، فإنه أيضاً إذلال صريح للمسلمين، وعز للكافرين، وقصة عمر مع أبي موسى الأشعري معلومة في ذلك حين استعمل أبو موسى كاتباً نصرانياً فقال له عمر: "مالك قاتلك الله؟"، ثم قال: "ألا اتخذت حنيفاً؟"، فقال أبو موسى: لي كتابته، وله دينه، فقال عمر: "لا أكرمهم إذا أهانهم الله، ولا أعزهم إذا أذلهم الله، ولا أدنيهم إذا أقصاهم الله". التقية والإكراه: التقية: وهي التكلم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان، وهي باللسان لا العمل. متى تكون تقية؟ تكون التقية بشروط منها: أن يكون الكفار غالبين، أو يكون المؤمن في قوم كفار ويداريهم باللسان من غير أن يستحل دماً أو مالاً حراماً أو يظهر الكفار على عورة المسلمين. والتقية لا تكون إلا من خوف القتل، ثم إن هذه رخص فلو صبر فله أجره عظيم. الإكراه: وقصة عمار بن ياسر من أقوى ما يوضح قضية الإكراه، كيف وآية الإكراه نزلت فيه؟ وقصته أن المشركين أخذوه وأباه وأمه وبعض الصحابة، أما أمه سمية فإنها ربطت بين بعيرين ووجيء قبلها بحربة فقتلت وقتل زوجها - أبو عمار - وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً، فأتى عمار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عادوا لك فعد لهم بما قلت" فانظر كيف كان كلامه بالكفر بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان وذلك بعد قتل أبيه وأمه وتعذيبه، أما من قال الكفر اختياراً من غير إكراه فهذا يكفر لأنه قد شرح بالكفر صدراً كما في الآية. شروط الإكراه: ذكر ابن حجر في ذلك أربعة شروط: 1) أن يكون فاعل الإكراه قادر على إيقاعه بالمكره، والمكره عاجز عن دفعه ولو بالفرار. 2) أن يغلب على ظن المكره أنه إن امتنع عن ما أكره عليه أوقع به ذلك. 3) أن يكون ما هدد به فورياً، فلو قال إن لم تفعل كذا ضربتك غداً، فإنه لا يعد اليوم مكرهاً ولكنه يعد غداً مكرهاً، ويستثنى ما إذا ذكر زمناً قريباً جداً. 4) أن لا يظهر من المكره ما يدل على اختياره. ويذكر بعض العلماء شرطاً آخراً وهو أن يكون التهديد بالقتل أو العذاب الشديد وإلا فلا. ولا فرق بين الإكراه على القول والفعل عند الجمهور، ويستثنى من الفعل ما كان كقتل النفس. وأجمعوا على أن من أكره على الكفر لا يجوز له التلفظ بكلمة الكفر تصريحاً بل يأتي بالمعاريض وبما يوهم أنه كفر، فلو أكره على التصريح يباح له ذلك بشرط طمأنينة القلب بالإيمان، مع إيمانه بأنه غير معتقد لما يقوله، ولو صبر لكان أفضل لفعل الصحابة. أنواع الإكراه: ذكر المصنف ثلاثة أنواع: 1) الإلجاء: حيث ينعدم فيه الرضا والاختيار، ويكون بالتعذيب الشديد أو نحو ذلك. 2) التهديد: وفيه ينعدم الرضا، ولا ينعدم الاختيار تماماً، ومثال هذا حال شعيب عليه السلام مع قومه حين خيروه بالرجوع إلى ملتهم أو أن يخرج من قريتهم، فلا تجوز الاستجابة لمثل هذا. 3) الاستضعاف: وهنا لا تعذيب ولا تهديد، ولكنه نحت وضع مفروض عليه من غيره، فإن كان دخوله تحت هذا الوضع لعجزه عن دفعه والخروج منه ولو أمكنه ذلك لفعل مهما كانت التضحية فهذا معفي عنه، أما إن كان قادراً ولم يفعل إيثاراً للعاقبة فقد سبق ذكره في الهجرة. كيف طبق السلف الولاء والبراء؟ 1) موقف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المخلفين الثلاثة عن غزوة تبوك، فقد هجروهم حتى في السلام، مع أنهم قد تركوا الجهاد في وقت وجوبه، فما بال المسلمين لا يتبرؤن من الزنادقة في عصرنا الذين لم يتركوا الوجبات فحسب بل حرموها ولم يجتنبوا المحرمات بل أوجبوها!!. وأعجب شيءٍ في قصتهم قصة كعب بن مالك ففوق أنه يعيش في حالة الهجر تأتيه رسالة من ملك غسان يقول فيها: "... ألحق بنا نواسك"، فكان ولاء كعب لله ولرسوله والمؤمنين عجيباً وكان براؤه من ملك غسان واضحاً حين أحرق كتابه في التنور. 2) موقف ابن عبد الله بن أبي سلول حين منع أباه من دخول المدينة إلا بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم . 3) موقف أبي عبيدة بن الجراح فلقد قتل أباه في معركة بدر. 4) قال النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم" قالوا: وهم بالمدينة!، قال صلى الله عليه وسلم: "وهم بالمدينة حبسهم العذر". فانظر إلى هذا الولاء ممن حبسهم العذر فهم مع إخوانهم بالدعاء والمتابعة، أما اليوم فنرى خذلان المسلمين - إلا من رحم الله - للمجاهدين في سبيل الله ولا يكتفي بعضهم بذلك بل لا بد أن يوالي أعداء الله الكفرة. صور الولاء والبراء في عصرنا الحاضر: من الجدير بالذكر أننا نعيش في هذه الآونة هجمة شرسة من الكفرة بجميع نحلهم على الإسلام والمسلمين، وهجومهم وغزوهم هذا متمثلٌ في أمرين: الغزو العسكري وهذا لا يلبث أن يسقط مع تكبيرات المجاهدين، والثاني هو الغزو الفكري وهو الأشد فبه انتشر بين المسلمين أفكار غربية غريبة كـ "ما للدين والاقتصاد؟ وما للدين واللبس وخاصة ملابس المرأة؟ وما للدين والفن؟ وما للدين والصحافة والإذاعة؟ وباختصار ما للدين والواقع الذي نعيشه على الأرض". ونشأ عن هذا الغزو تكوين جيل يستحي من الانتساب للإسلام، ويكره أن يرى وهو يقوم بشيء من شعائره، فالواحد من هؤلاء يحب أن يراه الناس خارجاً من خمارة، ولا يحب أن يروه خارجاً من مسجد، ومن السهل عليه أن يوصف بأنه زنى بعشرة نسوة لكنه يسود وجهه لو قيل متزوج باثنتين أما أأن يفكر في تلاوة آيات من القرآن أو يرجع إلى شيء من سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهذا ما لا يخطر له على بال، وهذا الجيل هو الذي ألحق بنا الهزائم في كل ميدان. ومن هنا نعلم أنه لا بد من معرفة خطط المنخدعين بالثقافة الأوروبية التي منها: 1) التربية والتعليم: إن أعداء الإسلام قد سلكوا في غزو مناهج التربية والتعليم سبيلين هما: السبيل الأول: السيطرة على التعليم في الداخل: فها نحن نرى تأثيرهم في مناهجنا، فمواد الدين من التفسير والتوحيد والحديث والفقه والتجويد لا تتجاوز كتيباً صغيراً في كثير من البلدان إلا ما رحم الله، ونرى كيف يهتمون بتدريس تاريخ أوروبة الوثنية الملحدة ولا يهتمون بتدريس ماضي المسلمين المشرق، بل نرى كيف يضعون مادة الموسيقى الغربية كمادة أساسية، ونرى كيف يأمرون المسؤلين بحذف أصول الإسلام كالولاء والبراء والجهاد والله المستعان. السبيل الثاني: وهو الابتعاث إلى الدول الكافرة: فهذا يجعل ولاء المسلم متذبذباً وهو يرى ما بهر به، ويزيد الطالب جهالة بدينه وقيمه، ويزيده تعلقاً بالغرب ثم يجد الطالب نفسه قد انسلخ من دينه وقيمه من حيث يشعر أو لا يشعر فتجده في لبسه ومأكله ومشربه وكلامه غربياً. 2) وسائل الإعلام: وهي متمثلة بالإذاعة والتلفزيون والمجلة والجريدة والفيديو والدش وغيرها. وفي هذه كلها خطر كبير في زعزعة عقيدة المسلمين، فإن من المؤسف في البلاد التي تدعي أنها إسلامية أن وسائل الإعلام فيها تقوم بحرب شعواء على الإسلام وأهله بلا نكير، فها هي تنشر العهر والفساد وتزين الجريمة، وتدعوا إلى موالاة الكفار والوقوف معهم ضد الإرهاب - ويراد به الجهاد - وما علموا أن أعظم الإرهاب ما تقوم به أمريكا وإسرائيل من الفساد، وتدعوا إلى الاستهزاء بالدين وأهله وغير ذلك، وبهذين الأخيرين تحدث الردة وتحل العقوبة من الله العظيم. 3) نشر كتب المستشرقين: من المعلوم عند العقلاء أن ما قام به المستشرقون من جهود كبيرة في خدمة التراث العربي والإسلامي كان لما يحملونه من الحقد على الإسلام وأهله، فوجدوا بذلك الفرصة المناسبة في تشويه صورة الإسلام، والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم وفي سنته والدعوة إلى مناقضتها بالعقل، وبفعلهم هذا فإن كتبهم قد أحدثت زعزعة كبيرة في نفوس ضعاف الإيمان. 4) المذاهب اللادينية: ولقد استخدم أعداء الإسلام في ذلك سبيلين: الأول: الهجوم على الشريعة الإسلامية بأنها بربرية ولا تساير روح العصر أو أنها رجعية. الثاني: إضفاء الشرعية للمذهب الهدامة ومدحها والثناء عليها بأنها تساير العصر. وهذه الشبه لا تحتاج إلى إبطال فالواقع يبطلها، فها هي الدول الكافرة لا تنعم بأمن ولا آمان. ومن هذه المذاهب القومية والوطنية والتي يكون فيها الولاء في الجنس، ومنها العلمانية، والاشتراكية، والبعثية وغيرها. وخلاصة القول في القومية أنها كفر بالله، فإن صاحبها يوالي لها ويعادي لها ويضحي من أجلها، وما قيل فيها يقال في العالمية أو الإنسانية ففيها يمسخ الولاء والبراء كلياً. فالعمل بهذه المذاهب البشرية القائمة التي لا تستمد وجودها من الكتاب والسنة محادة لله ولدينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كفر صريح لأنه موالاة للكفار وبراءة من الإسلام وأهله. الإسلام طريق الخلاص وسبيل النجاة: إن الحل يكمن في الرجوع إلى الإسلام رجوعاً حقيقياً كما كان عليه السلف ويكمن في الرجوع إلى صفاء العقيدة الممثل في: تصحيح مفهوم كلمة التوحيد، وتصحيح مفهوم العبادة وأنها نظام حياة، وتربية الجيل على الكتاب والسنة، وطرد آثار الغزو الفكري، وتعميق قضية الولاء والبراء في نفوس الناس، والتأكيد على العداوة بين حزب الله وحزب الشيطان، وبعث الأمل بقرب نصر الله، والله تعالى أعلم وأحكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

نقاط مهمة وكلمات مضيئة - لن تتحقق كلمة التوحيد في الأرض إلا بتحقيق الولاء لمن يستحق الولاء، والبراء ممن يستحق البراء[3]. - يحسب بعض الناس أن هذه القضية - الولاء والبراء - من القضايا الجزئية، ولكن في حقيقة الأمر إنها قضية إيمان وكفر[4]. - أنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم - أي الولاء والبراء - بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده[5]. من صور مولاة الكفار: 1) محبتهم وتعظيمهم ونصرتهم على أولياء الله . 2) تنحية وتعطيل الحكم بالشرع المطهر، ورميه بعدم مسايرة العصر، أو الوحشية إلى غير ذلك من الألقاب النتنة التي يتردى صاحبها في الكفر. 3) استيراد القوانين الأوربية الكافرة، وتحكيمها بدلاً من شريعة الرحمن. - إن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغض كما قال تعالى: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله...الآية)، فإذا فهمت هذا جيدا عرفت أن كثيرا من الذين يدعون الدين لا يعرفونها - أي لا إله إلا الله -[6]. - حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام[7]. - تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن[8]. - من خاف الله خافه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء[9]. - مسمى الموالاة يقع على شعب متفاوتة منها ما يوجب الردة ومنها ما دون ذلك من الكبائر. - تبرز خطورة موالاة الكفار في أن ضررها على المسلمين كافة أعظم من خطر من يكفر في نفسه فقط[10]. - صح أن قول الله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين[11]. - إن الله قد حكم ولا أحسن من حكمه أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم...[12]. - وموالاة غير المؤمنين - فضلاً عن أنها ردة وعصيان لله سبحانه - هي مصدر التذبذب.. في حياة فاعلها لأنه لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء[13]. - من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين: فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها... وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه ولم يحارب المسلمين ولا أعان عليهم ولم يجد في المسلمين من يجيره فهذا لا شيء عليه لأنه مضطر مكره. أما من كان محارباً للمسلمين معيناً للكفار بخدمة أو كتابة فهو كافر[14]. - ولو أن كافراً غلب على دار من دور الإسلام، وأقر المسلمين بها على حالهم إلا أنه هو المالك لها المنفرد بنفسه في ضبطها وهو معلن بدين غير الإسلام: لكفر بالبقاء معه كل من عاونه وأقام معه وإن ادعى أنه مسلم[15]. - إن الجاسوس المسلم يقتل لأن التعليل في قصة حاطب (تعليل بعلة مانعة من القتل منتفية في غيره، ولو كان الإسلام مانعاً من قتله لم يعلل بأخص منه، لأن الحكم إذا علل بالأعم كان الأخص عديم التأثير وهذا أقوى والله أعلم)[16]. - من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الدين، لأن الله تعالى يقول: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً[17]. - لا تجالسوا أهل الأهواء فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون[18]. - والمشابهة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي، وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين أقل كفراً من غيرهم، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيماناً من غيرهم...[19]. - ومما يجب النهي عنه ما يفعله كثير من الجهال في زماننا إذا لقي أحدهم عدواً لله سلم عليه ووضع يده على صدره إشارة إلى أن يحبه محبة ثابتة في قلبه، أو يشير بيده إلى رأسه إشارة إلى أن منزلته عنده على رأسه، وهذا الفعل المحرم يخشى على فاعله أن يكون مرتداً عن الإسلام؛ لأن هذا من أبلغ الموالاة والموادة والتعظيم لأعداء الله[20].

-----------------------
[1] المفتي محمد بن إبراهيم
[2] ابن كثير
[3] المؤلف
[4] المؤلف
[5] حمد بن عتيق
[6] المجدد محمد بن عبد الوهاب
[7] الشافعي
[8] الرازي
[9] السلف
[10] المؤلف
[11] ابن حزم
[12] ابن القيم
[13] المؤلف
[14] ابن حزم
[15] ابن حزم
[16] ابن القيم
[17] الإمام مالك
[18] أبو قلابة
[19] ابن تيمية
[20] حمود التويجري

-----------------------
|منبر التوحيد والجهاد |[pic] |
| | |
|* * * | |
|http://www.tawhed.ws | |
|http://www.almaqdese.net | |
|http://www.alsunnah.info | |
|http://www.abu-qatada.com | |

|منبر التوحيد والجهاد |[pic] |
|* * * | |
|http://www.tawhed.ws | |
|http://www.almaqdese.net | |
|http://www.alsunnah.info | |
|http://www.abu-qatada.com | |

منبر التوحيد والجهاد www.tawhed.ws www.almaqdese.net www.alsunnah.info www.abu-qatada.com

-----------------------
تلخيص؛ الولاء والبراء في الإسلام

Similar Documents

Free Essay

Managment

...Mission, Vision, Values, & Managment In today's post-recession workforce, gaining employment is so difficult that once hired, life has new meaning. The mission, vision, and values may mean different things to managers. With a closer look into an organization, from the newest employees up to the experienced senior management, it is found that many of the staff members do not have knowledge enough to recall the mission and vision statement. The military is used as an example, setting the standard for other public and private entities. In this case, let's examine a human resources unit in the United States Air Force. The Air Force Civilian Services mission and vision statement aim to "provide elite administrative, operation and technical support for the Air Force vision; Global vigilance, reach, and power" ('Our Mission & Vision', 2016). The mission and vision statement must work together to meet the organizational goals. In examining the core competencies, one must consider the true definition and rationale. Also, the Air Force has a set of strategic goals that determine the long-range direction of the organization. The attitudes, behaviors and goals of each Air Force civilian in the group are meant to demonstrate alignment with the vision, mission, values, and competencies. For a company to manifest values and a culture that leads to success, these vital mantras must be reiterated, exercised, memorized, and done by all employees. Mission Statment There is a constant...

Words: 1493 - Pages: 6

Premium Essay

Managment

...The legalization of gambling in Texas has been in debate for many years. In 1995, Texas proposed a referendum for casino gambling but it was rejected by many of the stateʼs conservative residents. In 2011, casino taxes accounted for $660 million of Indianaʼs state tax revenue (Hoagland-Smith, 2012). This revenue supports basic government services, such as school funding, child safety and corrections. Rather than enjoying the same type of profits, Texas has found it hard to meet its state budget year after year. Revenues from the casino could help cure a lot of the financial issues throughout Texas. These issues can range from roads to schools and education. While revenue from the casinos will be a major benefit for the Texas, the increase in employment will be another component to Texasʼ economic growth (Garrett, 2003). Casino operations require labor, and this labor is likely to come from the local area. Though residents debate over the value of gambling to its moral hazard, its hard not to see how we can benefit from this major source of revenue. Tax revenue could be one of many great beneficial contributions to Texas. Permitting gambling in Texas could boost the economic growth for the state. According to "Business Insider" (2011),”“Bad news on the state of muni finance the Texas budget is expected to run a $27 billion two-year budget shortfall according to just-released state estimates. That is worse than the $25 billion that Paul Krugman cited last week when...

Words: 1049 - Pages: 5

Premium Essay

Managment

...Abstract The Lean Project Delivery System emerged in 2000 from theoretical and practical investigations, and is in process of on-going development through experimentation in many parts of the world. In recent years, experiments have focused on the definition and design phase of projects, applying concepts and methods drawn from the Toyota Product Development System, most especially target costing and set based design. These have been adapted for use in the construction industry and integrated with computer modeling and relational forms of contract. Although by no means a finished work, the Lean Project Delivery System has developed sufficiently to warrant an updated description and presentation to industry and academia, incorporating processes and practices that have emerged since earlier publications. Keywords: Lean project delivery, project business plan, project business plan validation, set based design, target cost Introduction “The hospital is a machine the design of which facilitates or impedes its fitness for use.” (Dave Chambers, Chief Architect, Sutter Health)3 The implications of Chambers’ statement are important and far reaching. One consequence is that the use of hospitals and other such facilities must be designed before the facility itself can be designed. Common practice in the process industries, it has now become evident that it should be extended to other types of facilities. Such considerations have become both more common and more urgent...

Words: 284 - Pages: 2

Free Essay

Managment

...|Nova Southeastern University |[pic] | |Farquhar College of Arts and Sciences | | |Division of Math, Science, and Technology | | | | | |Course Syllabus (Fall 2014) | | Last Date Revised: 4/18/2014 I. COURSE NUMBER AND TITLE: BIOL 2600 DA2 Medical Terminology/ 3 sem. hrs. Fall Semester 2014 CRN # 20417 Room: TBD Day and Time: Classroom assignments can be found at the following website (check before class begins in case of changes): http://www.fcas.nova.edu/coursewizard/ Building & Room: Follow the above link to find this course. II. INSTRUCTOR: Janice Stone, D.C. Office Hours by appointment before class on Thursdays Phone: Leave message (954) 262-8300 (MST Secretary) E-mail: js2867@nova.edu Departmental Contact: Dr. Deanne Roopnarine Coordinator of Biology roopnari@nova.edu 954-262-8196 III. COURSE DESCRIPTION Medical...

Words: 3268 - Pages: 14

Premium Essay

Managment

...Assessment 2 Details BL5053 The Regulation of Business Creations Assessment 2: Group simulation and an individual written examination 1)    Group simulation                                     15-20 minutes (35%) 2)    Individual written examination                 2,000 words (35%) Presentations & Submit Coursework  During seminars in Week 14 (week starting 13/01/2014).  Weighting Group Simulation & Individual Written Examination 70% Case study analysis for a group advice conference and an individual written submission of the investigation: “McLibel documentary” Explain and critically comment on the various legal issues arising out of the documentary McLibel. Attention needs to be focused on the issues surrounding the importance for the protection of business creations and the intellectual property rights in place in order to provide such protection. Part 1: Group Simulation (15-20 minutes (35%)) The groups will consist of 3-5 members.  The information on the given topic will be presented as a group advice conference (simulation) which, may take many different forms (e.g. traditional presentations, board room scenarios, video footage, audio footage, explained posters etc).  The groups are free to choose the format in which they wish to present the relevant information.  It is the responsibility of each individual student to find, form and join the group.  It is the responsibility of each group and individual members to ensure...

Words: 683 - Pages: 3

Premium Essay

Managment

...An Introduction to Data Mining Kurt Thearling, Ph.D. www.thearling.com 1 Outline — Overview of data mining — What is data mining? — Predictive models and data scoring — Real-world issues — Gentle discussion of the core algorithms and processes — Commercial data mining software applications — Who are the players? — Review the leading data mining applications — Presentation & Understanding — Data visualization: More than eye candy — Build trust in analytic results 2 1 Resources — Good overview book: — Data Mining Techniques by Michael Berry and Gordon Linoff — Web: — My web site (recommended books, useful links, white papers, …) > http://www.thearling.com — Knowledge Discovery Nuggets > http://www.kdnuggets.com — DataMine Mailing List — majordomo@quality.org — send message “subscribe datamine-l” 3 A Problem... — You are a marketing manager for a brokerage company — Problem: Churn is too high > Turnover (after six month introductory period ends) is 40% — Customers receive incentives (average cost: $160) when account is opened — Giving new incentives to everyone who might leave is very expensive (as well as wasteful) — Bringing back a customer after they leave is both difficult and costly 4 2 … A Solution — One month before the end of the introductory period is over, predict which customers will leave — If you want to keep a customer that is predicted to churn, offer them something based on their predicted...

Words: 3180 - Pages: 13

Premium Essay

Managment

...Today, we had a very interesting lession in our business edge class. Most of the people misunderstand the concept of difference between Manager and a Leader. So we had a lession called “Managers and Leaders are they different?” . From that, it is very clear that these two concepts are totally different and after listening and reading the article, now I am in a better position to differentiate these two. While listening to all the presentation and doing some research I have gain some knowledge of who is a manager of a business. As it is very clear that manager is a person who has given tasked to ensure that all employees carry out assigned duties as required. In this case they also look after their responsible departments as well. They have a legal power to control and manage all their subordinates to achieve the overall goals of the organization. Therefore successful managers are the people who achieve their goals and objectives of the organization. Another thing which I learned was who is a leader. After reading the article, I realized that leader is a person who guides other people towards a common goal. He / she is a role model for others where they creative an environment in which other team members feel actively involved in the entire process. The distinct difference between manager and leader is that managers are normally involved in how things done where leaders concerned about how it effect the people. There are various differences between manager and a leader...

Words: 591 - Pages: 3

Premium Essay

Managment

...Title Page (a) Title of submission (ii) Theme area : CRM and 4 P’s of Marketing. : Customer relation ship Management = CRM and 4 P’s. (iii) Name of the author : Prof R Ramakrishnan : Head, Department of Management Studies Muthayammal Engineering College, Rasipuram 637408 (iv) Designation with Department (v) Mailing address: College: Residence: Suri Illam, 10A Swami Sivananda Salai, Rasipuram 637408 (vi) E-mail address (vii) Phone number(s) : ramakrish54@gmail.com College: 04287-220837 and 226837 Residence: 04287-225837 Mobile : +919952669656 : 04287- 226537 (viii) Fax number Presented by me at the National Seminar On Customer Relationship Management Organized by M.O.P. Vaishnav College for Women (Autonomous) Chennai-34. On 25th February 2006 1 of 10 Electronic copy available at: http://ssrn.com/abstract=1751648 Abstract = CRM and 4 P’s of Marketing The concept of CRM has evolved over a period of time through a sequence of initiatives, which have been directed towards improving business performance. In today's highly competitive business world CRM can be considered as the ultimate solution for both customers as well as organizations. CRM considers customers not as outsiders but as insiders to the business and aims to build a long-term relationship with them. A high degree of customer contact, commitment and services are therefore essential features of CRM CRM is an on-going process of identifying and creating new value with individual...

Words: 2674 - Pages: 11

Free Essay

Managment

...Multiple Choice Questions 1. Regarding the lac operon, if lactose is present, which of the following occurs? A) Lactose binds to the operator preventing the promoter from attracting RNA polymerase and preventing transcription. B) Lactose bind to RNA polymerase, which then binds to the promoter and transcribes the needed genes. C) Lactose binds to the repressor, which does not bind to the operator, and RNA polymerase transcribes the needed genes. D) Lactose binds to the operon, which attracts RNA polymerase, then transcription of the needed genes occurs. E) Lactose binds to the CAP site to prevent the CAP protein from binding Answer: C 2. Which of the following is likely to be expressed? A) euchromatin B) heterochromatin C) DNA without methyl groups D) DNA with many methyl groups E) euchromatin and DNA without methyl groups is more likely to be expressed Answer: E 3. Which of the following is a method of posttranscriptional control? A) transcription factors B) the life span of a mRNA molecule C) differential processing of mRNA D) how fast the mRNA leaves the nucleus E) both differential processing and how fast mRNA leaves the nucleus are involved in posttranscriptional control. Answer: E 4. Which gene in an operon is incorrectly matched with its...

Words: 2003 - Pages: 9

Premium Essay

Managment

...In the early nineteen hundreds, America was steeped in an industrial revolution. During this time more people were working than ever before. Factories were being built and filled to capacity with employees. In all this new activity, problems arose in several aspects of the factory setting that included “tooling the plants, organizing managerial structure, training employees (many of them non-English-speaking immigrants), scheduling complex manufacturing operations, and dealing with increased labor dissatisfaction and resulting strikes.”(Daft, 2013, p. 36) This is around the time that what is called the “Classical Perspective” study of management arose. There are three sub fields of the classical perspective: Scientific Management, bureaucratic organizations, and administrative principles. Most notable of the three is the theory of scientific management which was originally founded by Frederick Taylor. During the time of the industrial revolution, the scientific theory of management was perfect for a factory setting. “Tasks were standardized as much as possible. Workers were rewarded and punished. This approach appeared to work well for organizations with assembly lines and other mechanistic, routinized activities.”(http://managementhelp.org/management/theories.htm) While this method increased productivity, over the years it has ignored the needs of the employees and social contexts. Further widening the gap between corporations and small businesses, the bureaucracy was created...

Words: 1011 - Pages: 5

Premium Essay

Managment

...DWIGHT EISENHOWER STATED “LEADERSHIP IS THE ART OF GETTING SOMEONE ELSE TO DO SOMETHING YOU WANT DONE BECAUSE HE WANTS TO DO IT.” FOR ME, THIS QUOTE IS A ONE SENTENCE SUMMARY ON WHAT EXCELLENT LEADERSHIP CONSISTS OF. THE MOST IMPORTANT PART OF BEING A SUPERVISOR IS KNOWING HOW TO HANDLE PEOPLE, IF AN INDIVIDUAL CAN OBTAIN THIS QUALITY THEY CAN FEEL CONFIDENT THEY WILL RUN A SUCCESSFUL OPERATION. BEING A SUPERVISOR DOESN’T NECESSARILY MEAN BARKING ORDERS; IF THINGS ARE DONE PROPERLY EMPLOYEES SHOULD WANT TO PERFORM TO THE BEST OF THEIR ABILITIES FOR THE BENEFIT OF THE COMPANY NOT BECAUSE SOMEONE IS TELLING THEM TO DO SO. THIS MANUAL WILL PROVIDE YOU INFORMATION TO BETTER UNDERSTAND THE SIX SUPERVISORY RESPONSIBILITIES NEEDED TO BE A THRIVING SUPERIOR. COMMUNICATION IS THE ACT OF EXCHANGING INFORMATION. IT CAN BE USED TO INFORM, COMMAND, INSTRUCT, ASSESS, INFLUENCE, AND PERSUADE OTHER PEOPLE. COMMUNICATION SKILLS ARE IMPORTANT IN ALL ASPECTS OF LIFE, INCLUDING BUSINESS. (SUPERVISION: KEY TO PRODUCTIVITY) COMMUNICATION IS THE KEY TO ANY RELATIONSHIP. WHETHER THE RELATIONSHIP IS PERSONAL OR PROFESSIONAL NO RELATIONSHIP CAN FLOURISH WITHOUT AN OPEN LINE OF CLEAR COMMUNICATION. SINCE A SUPERVISOR SPENDS A MAJORITY OF THEIR TIME WITH THEIR EMPLOYEES, BEING ABLE TO TALK TO ONE ANOTHER IS CRUCIAL TO ENSURE THAT THINGS RUN SMOOTHLY. FIRSTLY, A SUPERVISOR MUST EVALUATE THEIR “AUDIENCE”. UNDERSTANDING THAT EACH EMPLOYEE WILL PERCEIVE THINGS DIFFERENTLY WILL HELP A SUPERVISOR OPEN THE LINES...

Words: 940 - Pages: 4

Premium Essay

Managment

...Introduction Why Study Management? ■ We all have a vested interest in improving the way organizations are managed. ■ Better organizations are, in part, the result of good management. ■ You will eventually either manage or be managed. ■ Gaining an understanding of the management process provides the foundation for developing management skills and insight into the behavior of individuals and the organizations. Learning Objectives • To introduce the general concepts and principles of management • To understand the fundamental skills and roles of a manager Learning Outcomes • Understand the general concepts and requirements of a manager • Understand the basic skills of a manager Reading Materials Chapter 1 of recommended textbook Lecture Notes Definition of Management The process of getting things done, effectively and efficiently, through and with other people ■ Efficiency Means doing the thing correctly; refers to the relationship between inputs and outputs; seeks to minimize resource costs ■ Effectiveness Means doing the right things; goal attainment Who Are Managers And Where Do They Work? ■ Organization ■ A systematic arrangement of people brought together to accomplish some specific purpose; applies to all organizations—for-profit as well as not-for-profit organizations...

Words: 526 - Pages: 3

Premium Essay

Managment

...Decisions in Paradise JUMA SHALABI University of Phoenix MGT 350 Bridget Peaco 06-04-2012 The purpose of this paper will be to study primary thoughts for the development of a new Furniture store on the South Pacific island of Kava. Nik works at a furniture retail store as a marketing specialist and is hired to make decisions that will impact the company on the long term. He was assigned to research and gather information for the island of Kava and present it to the owners of Orleans Furniture. The research will conclude valuable information on the island which will help Orleans furniture determine the variety of the items that should be carried. Orleans’s mission is to be a unique business that will help the working force coming from all over the world to purchase products that make them feel like they are home. Nik’s success depends on how he can define the matters that are involved in formulation of the problem. Nik had to consider the stakeholders that will be affected by the decision thru researching the environment in kava and how can it be a threat to the organization. Moreover, Nik should apply critical thinking in his decision making process before he presents it to Orleans furniture. Nik’s main problem was to collect valuable information in order to present it to the owners of Orleans furniture and weather it’s a convenient to establish a business in Kava. However, earlier to providing any recommendation, Nik had to consider some reasons involved in the formulation...

Words: 780 - Pages: 4

Premium Essay

Managment

...1) The inhuman and pathetic working conditions, lack of proper collective bargaining and minimum wages created a kind of uneasiness among both the permanent and contract the workers in the plant. More than 65% of the people at Manesar are non-permanent labourers, working without any job or social securities. There is a drastic difference between the average monthly incomes of both categories. A permanent worker is gets rupees 17000- 21000 per month but paradoxically contract workers get only 7000 for the same work. According to contract labour (regulation and abolition) act 1970 and contract labour (regulation and abolition) central rules 1971 1) it is illegal to employee contract labour where work is perennial and happens on a day to day basis. Above all these open violations of Labour laws, the work conditions created by the management in the workplace are quite inhuman 2)Workers at the plant get two leisure times of 7.2 minutes each per day, which is not even sufficient to go to the canteen and toilet, half kilometres away from the workplace. Violation of chapter 5(16, 17) 3)They get only 9 leaves per year and the management can deduct Rs 1500 for extra leave and half day salary for even one minute late coming. The incident begins when an abusive and casteist remark against a Dalit worker by a supervisor led to a dispute. The company without any enquiry suspended the worker (the complainer) on that day itself instead of initiating action against the supervisor ...

Words: 351 - Pages: 2

Premium Essay

Managment

...Assignment 2 Q: 1 What is the difference between the emotion and attitude? Give example of each. Emotions and attitudes in the workplace play a large role in how an entire organization communicates within itself and to the outside world. Events at work have real emotional impact on participants. The consequences of emotional states in the workplace, both behavioral and attitudinal, have substantial significance for individuals, groups, and society. Emotions are defined as the expressions of feeling caused by something or someone which can be differentiated by duration, quality and intensity. It becomes visible through verbal and non-verbal communication. Emotions are feelings, psychological state and biological state that incline a person to act in a certain way. One' emotions trigger behavior aimed at the emotion's stimuli. When a person has strong emotions, many bodily changes occur. For example, the physical components of fear include an increased heartbeat, a rise in blood pressure, an increase in adrenaline secretions, an elevated blood sugar level, a slowing of digestion, and a dilation of pupils. Some of these changes are recognizable to the person having them. Psychological part of it is represented in changes involve a person’s appearance: blushing, sweating, and so on. Other changes involve behavior: a distinctive facial expression, posture, gestures, different vocal tone and rate, and so on. On the other hand, attitudes reflect a person's likes and dislikes...

Words: 2704 - Pages: 11