Free Essay

Jkjh

In:

Submitted By bhdshjdfgs3432
Words 9173
Pages 37
‫ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ‬

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف‬ ‫ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي‬

‫د/ ﻣﺤﻤﺪ ﻗﻴﺮاط‬ ‫أﺳﺘﺎذ ﻣﺸﺎرك، آﻠﻴﺔ اﻻﺗﺼﺎل‬ ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺸﺎرﻗﺔ‬ ‫ص.ب: ٢٧٢٧٢‬ ‫اﻟﻬﺎﺗﻒ: ٩٨٦٠٥٠٥-٦-١٧٩‬ ‫اﻟﻔﺎآﺲ: ٨٨٦٠٥٠٥-٦-١٧٩‬ ‫‪e-mail: mokirat@sharjah.ac.ae‬‬

‫ﻧﺪوة "اﻹﻋﻼم و اﻷﻣﻦ"، ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﺎﻳﻒ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم اﻷﻣﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ وزارة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ‬ ‫اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ، اﻟﺨﺮﻃﻮم ١١-٣١ أﺑﺮﻳﻞ ٥٠٠٢‬

‫" ﻟ ﺒﻌﺾ اﻷﻃﻔ ﺎل ﺗﻜ ﻮن ﻣ ﺸﺎهﺪة ﺑﻌ ﺾ اﻟﺒ ﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴ ﺔ ﺿ ﺎرة ﺗﺤ ﺖ ﺑﻌ ﺾ اﻟﻈ ﺮوف،. و‬ ‫ﻷﻃﻔ ﺎل ﺁﺧ ﺮﻳﻦ، و ﻓ ﻲ ﻧﻔ ﺲ اﻟﻈ ﺮوف، أو ﻟ ﺪى ﻧﻔ ﺲ اﻷﻃﻔ ﺎل ﻓ ﻲ ﻇ ﺮوف أﺧ ﺮى، ﻗ ﺪ ﺗﻜ ﻮن‬ ‫ﻣ ﺸﺎهﺪة اﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳ ﻮن ﻣﻔﻴ ﺪة. و ﺑﺎﻟﻨ ﺴﺒﺔ ﻟﻤﻌﻈ ﻢ اﻷﻃﻔ ﺎل، ﻓ ﻲ ﻣﻌﻈ ﻢ اﻟﻈ ﺮوف، ﺗﻜ ﻮن ﻣ ﺸﺎهﺪة‬ ‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻴﺪة و ﻏﻴﺮ ﺿﺎرة".‬ ‫وﻟﺒﻮر ﺷﺮام و ﺁﺧﺮون..‬ ‫"ﻻ أﻇﻦ أن هﻨﺎك أﻳﺔ ﻋﻼﻗﺔ إرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن و اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ".‬ ‫ﺟﻴﻢ ﺑﻴﺮك و رﻳﺸﺮ‬ ‫ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﺔ‬ ‫"ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮن ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﻗﺘﻞ ﻃﻔﻼ".‬ ‫ﻟﻮﺳﻲ ﺳﻠﻬﺎﻧﻲ، ﻣﺪﻳﺮة ﻓﻮآﺲ ﺑﺮودآﺎﺳﺘﻴﻨﻎ‬ ‫"إذا أﺗﻠﻔﺖ ﺧﻴﻮط آﻞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﺎت اﻟﻴﻮم، ﻓﺎﻟﻌﻨﻒ ﺳﻮف ﻻ ﻳﻨﺨﻔﺾ ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺘﻴﻦ".‬ ‫ﺟﺎك ﻓﻼﻧﺘﻲ، رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬ ‫ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ.‬ ‫"اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﻣﺠﺮد ﻣﺮﺁة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ".‬ ‫هﻮارد ﺳﺘﺮﻳﻨﺠﺮ، ﻣﺴﺌﻮل ﺗﻨﻔﻴﺬي ﻓﻲ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮن ﺳﻲ.ﺑﻲ.أس.‬ ‫"ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻋﻨﻴﻒ. اﻟﻔﻦ ﻳﻌﻜﺲ أﺳﺎﻟﻴﺐ اﻟﺤﻴﺎة، و ﻟﻴﺲ اﻟﻌﻜﺲ:... إﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ‬ ‫ﺗﻨﻈﻴﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﻨﻈﻴﻒ ﺗﻘﺪﻳﻢ ذﻟﻚ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ".‬ ‫زاف ﻳﺮون، ﻣﺴﺌﻮل ﺗﻨﻔﻴﺬي ﻓﻲ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮن ﺳﻲ.ﺑﻲ.أس.‬ ‫"ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ٠٧٩١ إﻟﻰ ﺳﻨﺔ ٠٩٩١ ﻗﻔﺰ اﻟﻌﺪد اﻟﻴﻮﻣﻲ ﻟﻺﻋﻼﻧﺎت اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﻟﻸﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ‬ ‫ﻣﻦ ٠٦٥ إﻟﻰ ٠٠٠٣" ) ﻓﻮآﺲ ٢٠٠٢(." ﻋﺪد اﻹﻋﻼﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻪ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻧﻔﺲ‬ ‫اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ زاد ﻣﻦ ٠٠٠،٠٢ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ إﻟﻰ أآﺜﺮ ﻣﻦ ٠٠٠،٠٤ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ. )أدﻟﺮ و‬ ‫ﺁﺧﺮون(.‬ ‫"ﻳﺸﺎهﺪ اﻟﻄﻔﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ أو اﻟﻤﺮاهﻖ ﺳﻨﻮﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ٠٠٠،٠١ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻗﺘﻞ و اﻏﺘﺼﺎب و‬ ‫اﻋﺘﺪاء، و ﺣﻮاﻟﻲ ٠٠٠،٠٠٢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ".‬ ‫اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ و هﻮﺳﺘﻮن و ﺁﺧﺮون.‬

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫1‬

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف‬ ‫ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي‬
‫ﻣﻠﺨﺺ اﻟﺪراﺳﺔ:‬ ‫أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻐﻄﻴﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ ﺟﺰء ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬ ‫اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ و أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺗﺤﺘﻞ ﺣﺠﻤﺎ ﻣﻌﺘﺒﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬ ‫ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻬﺎ و أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ. اﻷﻣﺮ اﻟﺬي أﺛﺎر اهﺘﻤﺎم اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ و اﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ ﻟﺪراﺳﺔ ﻋﻼﻗﺔ‬ ‫اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻤﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮي اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف و اﻟﺴﻠﻮك ﻏﻴﺮ اﻟﺴﻮي‬ ‫ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮد؟ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﺴﺆال اﺳﺘﻌﺮﺿﺖ هﺬﻩ اﻟﻮرﻗﺔ ﻇﺎهﺮة اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ و اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ و ﺁﻟﻴﺎت اﻻﻧﺘﻘﺎء و اﻟﻌﺮض و اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻤﻬﺎ آﺼﻨﺎﻋﺔ ﻣﺜﻞ‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﻊ و ﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺮﺑﺢ، و آﺬﻟﻚ آﻨﻈﺎم ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺮاهﻦ و اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻠﻰ "اﻻﺳﺘﺒﻠﻴﺸﻤﻨﺖ" ‪. Establishment‬آﻤﺎ ﻧﺎﻗﺸﺖ اﻟﻮرﻗﺔ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ‬ ‫ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم آﻘﻴﻢ ﺧﺒﺮﻳﺔ و آﻤﺎدة ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻴﻊ و اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ.‬ ‫ﻧﺎﻗﺸﺖ اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﻤﺪارس اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺖ و ﻓ ّﺮت اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و‬ ‫ﺴ‬ ‫ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮر. ﺣﻴﺚ ﻧﻼﺣﻆ وﺟﻮد اﺧﺘﻼف ﻓﻲ اﻷﻃﺮوﺣﺎت و اﻵراء، ﻟﻜﻦ اﻟﺨﻼﺻﺔ‬ ‫اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﻣﻔﺎدهﺎ أن هﻨﺎك ﺗﺄﺛﻴﺮات ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪة ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى آﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ و‬ ‫ﻧﻔﺴﻴﺘﻪ و ﻇﺮوﻓﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ و اﻟﻌﺎﺋﻠﻴﺔ و اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ و ﻗﺎﺑﻠﻴﺘﻪ ﻻرﺗﻜﺎب اﻟﻌﺪوان. ﻓﺎﻟﺪراﺳﺎت‬ ‫و ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻻرﺗﻜﺎب اﻟﻔﻌﻞ اﻹﺟﺮاﻣﻲ ﻓﺎﻟﻤﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫أآﺪت أﻧﻪ إذا آﺎﻧﺖ ﻟﻠﻔﺮد ﺟﺎهﺰﻳﺔ‬ ‫ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺤﺮاف و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ ﺗﻨﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ و اﻟﺠﺎهﺰﻳﺔ ﻻرﺗﻜﺎب‬ ‫اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. آﻤﺎ اﺳﺘﻌﺮﺿﺖ اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺪروس اﻟﻤﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻣﻦ أﺑﺤﺎث و دراﺳﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫و اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ.و ﻧﺎﻗﺸﺖ اﻵﻟﻴﺎت‬ ‫اﻟﺘﻲ ﺗ ّﺴﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ.‬ ‫ﻔ‬ ‫إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف آﻤﺎدة إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﺘﻔﺎﻗﻢ و ﺗﺰداد ﺗﻌﻘﻴﺪا ﻓﻲ اﻹﻃﺎر‬ ‫اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻧﻈﺮا ﻟﻠﺘﺒﻌﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت-‬ ‫ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ﻣﻬﻨﻴﺎ، ﻗﻴﻤﻴﺎ. ﻓﺎﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺴﺘﻮرد ﻧﺴﺒﺔ آﺒﻴﺮة ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﻤﺎدة اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ ﻟﺠﻤﻬﻮرهﺎ و هﺬﻩ اﻟﻤﺎدة اﻟﻤﺴﺘﻮردة اﻟﻤﻌﻠﺒﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﻗﻴﻤﺎ و أﻓﻜﺎرا و ﺗﻮﺟﻬﺎت اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫أﻧﺘﺠﺘﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻌﺎرض ﻣﻊ أﺧﻼق‬ ‫و ﻗﻴﻢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ. و ﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ داﺧﻞ ﺣﺪود‬ ‫اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ أﺻﺒﺢ ﻳﺤﻤﻞ ﻗﻴﻤﺎ دﺧﻴﻠﺔ و ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻌﻮﻟﻤﺔ و‬ ‫ﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ و ﻓﺮض ﻗﻴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ. رﻏﻢ اﻟﺴﻠﺒﻴﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻟﺘﻌﺎﻣﻞ‬ ‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻣﻊ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف و اﻟﻌﻨﻒ، ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل أﻧﻪ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ هﺬﻩ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ اﻟﺠﻬﺎت ذات اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ هﺬﻩ اﻟﻤﺸﺎآﻞ و‬ ‫ﺗﻘﻮﻳﻀﻬﺎ.‬

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫2‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ:‬ ‫ﺗﻠﻌﺐ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم دورا ﻣﺤﻮرﻳﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺎة اﻟﻔﺮد اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺣﻴﺚ أﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻰ ﺟﺰء‬ ‫آﺒﻴﺮ ﻣﻦ وﻗﺘﻪ، ﻓﺒﻴﻦ ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن و ﻗﺮاءة اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ و اﻟﻤﺠﻼت و اﺳﺘﻬﻼك‬ ‫و اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﺮادﻳﻮ و اﻹﺑﺤﺎر ﻓﻲ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻊ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻹﻋﻼﻧﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‬ ‫اﻻﻧﺘﺮﻧﻴﺖ ﻳﺠﺪ اﻟﻔﺮد ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻴﻮم أﻧﻪ ﻗﻀﻰ أآﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺖ ﺳﺎﻋﺎت ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ و ﻣﺴﺘﻬﻠﻜﺎ‬ ‫و اﻹﺷﻜﺎل اﻟﻤﻄﺮوح هﻨﺎ هﻮ أن اﻟﻔﺮد ﻓﻲ‬ ‫ﻟﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.‬ ‫و ﺛﻘﺎﻓﺘﻪ و ﺣﺴﻪ و إدراآﻪ و‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ هﺬﻩ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺘﺸﻜﻴﻞ وﻋﻴﻪ‬ ‫ﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺼﻮر اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد ﺳﻠﻮآﻪ و ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.‬ ‫ﻓﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت و اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮﻗﻤﻲ ﺗﻠﻌﺐ دورا اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎ ﻓﻲ‬ ‫ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻮﻋﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ و اﻟﺬاآﺮة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ آﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﻮاﻗﻊ آﻤﺎ ﺗﺮاﻩ و ﻟﻴﺲ آﻤﺎ هﻮ،‬ ‫و اﻟﺬي ﻳﺤﺪد ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻤﻄﺎف، إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺘﻐﻴﺮات أﺧﺮى اﻟﺴﻠﻮك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ أي ﻣﺠﺘﻤﻊ.‬ ‫ﻣﺎ ﻳﻼﺣﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ هﻮ ﻣﺤﺘﻮاهﺎ اﻟﺬي أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺤﺪدﻩ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻌﺮض و‬ ‫اﻟﻄﻠﺐ و ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﺒﻴﻊ و اﻟﺸﺮاء. و ﻓﻲ هﺬا اﻟﺴﻴﺎق أآﺪت ﻧﺴﺒﺔ آﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻹﺛﺎرة‬ ‫و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﻨﺲ و اﻷﺣﺪاث واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﺮوب و اﻧﻘﻼﺑﺎت ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ و‬ ‫ﻓﻴﻀﺎﻧﺎت و زﻻزل ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺤﺘﻮى وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.‬ ‫آﺜﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ و اﻟﻨﻘﺎش ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻷآﺎدﻳﻤﻴﺔ و اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ‬ ‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻨﻈﺮي و هﻞ هﻨﺎك ﻋﻼﻗﺔ إرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮد.. ﻓﺎﻟﺪراﺳﺎت و اﻷﺑﺤﺎث‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ أآﺪت أن هﻨﺎك ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺳﻠﺒﻲ و ﻋﺪد ﻣﻨﻬﺎ أآﺪ أن هﻨﺎك ﻋﻼﻗﺔ إرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ‬ ‫إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ. ﻓﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻌﻘﺪ و ﻣﺮآﺐ و‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﺤﺪدﻩ ﻋﻮاﻣﻞ ﻋﺪة ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﻟﺼﻮرة اﻟﺬهﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻜﻠﻬﺎ اﻟﻔﺮد ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﺮض ﻟﻪ و‬ ‫أﺳﺘﻬﻠﻜﻪ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي.‬ ‫ﺗﻨﻈﺮ هﺬﻩ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺗﻐﻄﻴﺔ أﺧﺒﺎر اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‬ ‫و ﺁﺛﺎرهﺎ اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻓﺎﻟﺠﺮﻳﻤﺔ آﻈﺎهﺮة اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻨﺘﺸﺮ اﻟﻴﻮم ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت، آﻤﺎ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺮاآﺰ اﻟﺤﻀﺮﻳﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة و ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ذات اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ‬ ‫اﻟﻜﺒﻴﺮة و اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ. ﻣﺎ هﻮ اﻟﻬﺪف ﻣﻦ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم؟‬ ‫ﻟﻤﺎذا و آﻴﻒ؟ ﻣﺎ هﻲ أﺧﻼﻗﻴﺎت اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ؟ و ﻣﺎ هﻲ ﺁﻟﻴﺎت هﺬﻩ اﻟﺘﻐﻄﻴﺔ؟ و إﻟﻰ أي ﻣﺪى ﻳﺘﺄﺛﺮ‬ ‫اﻟﺠﻤﻬﻮر ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺪم ﻟﻪ؟ و ﻣﺎ هﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﺳﺘﻬﻼك اﻟﻤﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻌﺮض اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺤﺮاﻓﻲ و اﻟﺴﻠﻮك ﻏﻴﺮ اﻟﺴ ّي ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮد ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ؟ هﻞ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ‬ ‫ﻮ‬ ‫ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ و ﺗﺨﻔﻴﺾ وﻗﻮﻋﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ أم أﻧﻬﺎ ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻧﺘﺸﺎرهﺎ و إﻗﺒﺎل‬ ‫ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻤﺺ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ و ﻣﻨﻔﺬي اﻟﻌﻨﻒ و ﺗﻘﻠﻴﺪهﻢ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ.‬ ‫هﻞ هﻨﺎك اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺠﺮاﺋﻢ و أﺣﺪاث اﻟﻌﻨﻒ؟ أم أن‬ ‫اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة و اﻟﻐﺮاﺑﺔ و اﻟﺨﺮوج ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺘﺎد ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻤﺒﻴﻌﺎت و‬ ‫اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أآﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر؟ هﻞ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻣﺠﺮد ﻓﻌﻞ إﻋﻼﻣﻲ أم أﻧﻬﺎ وﺳﻴﻠﺔ‬ ‫ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺔ؟‬ ‫ﺗﺘﻄﺮق هﺬﻩ اﻟﺪراﺳﺔ إﻟﻰ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف و اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ آﻘﻴﻢ ﺧﺒﺮﻳﺔ‬ ‫ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ اهﺘﻤﺎم وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻣﻦ ﺟﻬﺔ آﻤﺆﺳﺴﺎت ﺗﺼﻨﻊ اﻟﻮاﻗﻊ و ﺗﻮﺟﻬﻪ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎﻩ اﻟﺬي‬ ‫ﻳﺨﺪم ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ و ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ اهﺘﻤﺎم اﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﺬي ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة و اﻟﻐﺮاﺑﺔ،‬ ‫و اﻟﺬي ُﺮﺳﺖ ﻓﻴﻪ ﻗﻴﻢ اﺳﺘﻬﻼآﻴﺔ ﻣﺤﺪدة ﺳﻄﺮﺗﻬﺎ ووﺿﻌﺘﻬﺎ أﺟﻨﺪة وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.‬ ‫ﻏ‬ ‫ﺗﺴﺘﻌﺮض اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻤﺪارس اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮر:‬ ‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ،اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ،و دور وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ ﻧﺸﺮ اﻟﻌﻨﻒ .‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫3‬

‫آﻤﺎ ﺗﺴﺘﻌﺮض اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻤﻔﺴﺮة ﻟﻠﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم: ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ،ﻧﻈﺮﻳﺔ‬ ‫اﻻﺳﺘﺜﺎرة،ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺪﻋﻴﻢ،ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻤﺬﺟﺔ، و ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ.‬ ‫ﻣﺎ هﻲ اﻟﺪروس اﻟﻤﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻣﻦ اﻷﺑﺤﺎث و اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻧﻈﺮت ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ‬ ‫و اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ؟ و ﻣﺎ هﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ و‬ ‫اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ‬ ‫اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ؟ ﻓﺎﻹﺷﻜﺎل اﻟﻤﻄﺮوح ﻓﻲ‬ ‫و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ هﻮ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ و إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و‬ ‫ﺟﺪﻟﻴﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬ ‫أﺧﻴﺮا اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ آﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﺔ. ﻓﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ هﺬا اﺧﺘﻠﻄﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﻣﻮر و‬ ‫أﺻﺒﺤﺖ ﻻ ﺗﻔﺮق ﺑﻴﻦ هﺬﻩ اﻷﻧﻮاع اﻟﺜﻼث، و أﺻﺒﺢ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳ ّﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻊ و‬ ‫ﻔ‬ ‫اﻟﺨﻴﺎل. و أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أهﺪاف ﻣﻌﻴﻨﺔ و‬ ‫اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺛﺎرة واﻟﻐﺮاﺑﺔ و اﻟﻤﺎدة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻮق و ﺗ ّوج و ﺗﺒﻴﻊ،و ﻟﻴﺴﺖ ﻏﺎﻳﺔ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻦ‬ ‫ﺮ‬ ‫ّ‬ ‫وراﺋﻬﺎ اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ و اﻟﺘﺜﻘﻴﻒ و إﺷﺮاك اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻔﺌﺎﺗﻪ و ﺷﺮاﺋﺤﻪ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻻﻧﺤﺮاف و ﺗﻘﻮﻳﻀﻪ‬ ‫و اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ.‬

‫ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ:‬ ‫ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺑﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ و اﻟﻮﺟﻮد اﻟﺒﺸﺮي، و ﻗﺪ أﺧﺘﻠﻒ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن و‬ ‫اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻓﻲ أﺳﺒﺎﺑﻬﺎ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ رأى أﻧﻬﺎ ﻣﻮروﺛﺔ و ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن،و ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ رأى أﻧﻬﺎ‬ ‫ﺳﻠﻮآﺎ ﻣﻜﺘﺴﺒﺎ. اﻟﺴﻠﻮك اﻹﺟﺮاﻣﻲ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻋﺎدة ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻴﻮل اﻟﻘﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ‬ ‫ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻀﺎدة ﻟﻘﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ و ﻗﻴﻤﻪ و ﻣﺒﺎدﺋﻪ و ﻋﺎداﺗﻪ. و ﺗﺘﺼﻒ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺠﺮم‬ ‫و اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ و اﻟﺴﻘﻮط ﻓﻲ اﻟﺮذﻳﻠﺔ...اﻟﺦ.‬ ‫ﺑﺎﻻﻧﻄﻮاء و اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ و اﻟﻼﻣﺒﺎﻻة اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ،‬ ‫أﻣﺎ ﻋﻦ ﻣﺎهﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﺘﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﺪآﺘﻮرة ﺷﻤﻌﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ:‬
‫هﻲ اﻟﺨﺮوج ﻋﻦ اﻟﻤﺒﺎدئ و ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺪدهﺎ و ﻳﺮﺳﻤﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻷﻓﺮادﻩ. و هﻲ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻزﻣﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﻨﺬ أﻗﺪم ﻋﺼﻮرهﺎ و ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ‬ ‫اﻷﺟﻴﺎل. و هﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻌﻼ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﺑﻞ ﻓﻌﻼ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﺗﺤﺪدﻩ ﻋﻮاﻣﻞ آﺜﻴﺮة آﺎﻟﺰﻣﺎن و اﻟﻤﻜﺎن و اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ".‬

‫)ﺷﻤﻌﻮن، ٥٩٩١: ٠٨(.‬ ‫ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎآﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻒ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت، ﻓﻬﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ و ﺣﻮادث ﺗﻔﺮزهﺎ ﻋﻮاﻣﻞ ﻋﺪة آﺎﻟﺒﻴﺌﺔ و اﻟﻮﺳﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ و اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ و اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ و اﻟﺤﺮﻣﺎن. و ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮز اﻟﺠﺮاﺋﻢ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻣﺎ ﻳﻠﻲ:‬ ‫اﺿﻄﺮاب اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.‬ ‫ﺳﻮء اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ و اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ.‬ ‫ﺳﻮء اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻟﻤﺪرﺳﻲ.‬ ‫اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻷﺳﺮﻳﺔ.‬ ‫اﻟﺼﺤﺒﺔ اﻟﺴﻴﺌﺔ و رﻓﺎق اﻟﺴﻮء.‬ ‫اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ و اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ و اﻟﺨﻠﻘﻴﺔ.‬ ‫ﻣﺸﻜﻼت اﻷﻗﻠﻴﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.‬ ‫ﺳﻮء اﻷﺣﻮال اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ.‬ ‫اﻟﻜﻮارث اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ و ﺣﺎﻻت اﻟﺤﺮب.‬ ‫ﺳﻮء اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻟﻤﻬﻨﻲ.‬ ‫ﺗﺪهﻮر ﻧﻈﺎم اﻟﻘﻴﻢ.‬ ‫اﻟﺘﻌ ُﺐ و اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺪﻳﻦ.‬ ‫ﺼ‬ ‫اﻟﺤﻲ و ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺠﻴﺮة.‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫4‬

‫اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ و اﻟﺘﻔﺎوت ﺑﻴﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻴﻤﺎ هﻮ ﻣﺴﺘﺤﺐ و ﺑﻴﻦ ﻣﺎ هﻮ ﺣﺎﺻﻞ.‬ ‫)ﺷﻜﻮر،٧٩٩١: ٧-٨(.‬ ‫و اﻟﻤﻼﺣﻆ أن ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺗﺘﺰاﻳﺪ و ﺗﺘﻀﺎﻋﻒ و ﺗﺤﻮز ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺐ اﻷﺣﻴﺎن‬ ‫ﻋﻠﻰ اهﺘﻤﺎم وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ ﻧﻘﻠﻬﺎ و ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر. ﻓﻤﺮض اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻔﻌﻞ‬ ‫اﻟﺠﺎﻧﺢ أﺻﺒﺢ ﻣﺮض اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي و اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻌﺎون و ﺗﻀﺎﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ أﺟﻞ‬ ‫ﺗﻘﻮﻳﺾ هﺬﻩ اﻟﻈﺎهﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺸﻰ ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎرهﺎ و اﺳﺘﻔﺤﺎﻟﻬﺎ أن ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺲ اﻟﺒﻨﺎء‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺴﻠﻴﻢ.‬ ‫اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ: اﻻﻧﺘﻘﺎء،إﻋﺎدة اﻟﻌﺮض و اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ:‬ ‫اﻟﻤﻨﺘﺞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻟﻴﺲ ﻗﻄﻌﺔ ﺣﻠﻮة و ﻻ هﻮ ﻋﻠﺒﺔ ﺷﺎﻣﺒﻮ و إﻧﻤﺎ هﻮ ﻣﻨﺘﺞ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت و اﻷﺧﺒﺎر و اﻟﻘﻴﻢ و اﻷﻓﻜﺎر و اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ و ﻧﻤﻂ ﺗﻔﻜﻴﺮ و ﻣﻌﻴﺸﺔ ﻧﺎس و ﺷﻌﻮب‬ ‫و ﺣﻀﺎرات. و ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻤﻨﺘﺞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﻘﻴﻢ و ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ‬ ‫و دول و أﻣﻢ‬ ‫اﺣﺘﺮاﻓﻴﺔ و ﻣﻬﻨﻴﺔ و ﺿﻐﻮط و اﻧﺤﻴﺎز و ﻗﻮاﻧﻴﻦ و إﺟﺮاءات ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ و ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻣﺤﺪدة.‬ ‫ﻓﺎﻟﺬي ﻳﺼﻨﻊ اﻟﻤﻨﺘﺞ اﻹﻋﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ هﻮ ﺷﺨﺺ، إﻧﺴﺎن ﻟﻪ ﺷﻌﻮر و ﻣﻴﻮل و ﺛﻘﺎﻓﺔ و‬ ‫ﺣﻀﺎرة و دﻳﻦ. و ﻣﻦ هﻨﺎ ﻓﺈن اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ آﻤﻨﺘﺞ إﻋﻼﻣﻲ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ إﻟﻰ أﺧﺮ وﻓﻖ‬ ‫ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ آﻞ اﻟﺒﻠﺪ و اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ و أﺳﺒﺎﺑﻬﺎ و ﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻬﺎ‬ ‫و ﻃﺮق ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ. و‬ ‫و‬ ‫ﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ ﻓﻬﻢ ﺻﻨﺎﻋﺔ أﺧﺒﺎر اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻧﺴﺘﻌﺮض ﻧﻤﻮذج اﻟﺘﻼﻋﺐ‬ ‫ﻧﻤﻮذج "دﻋﻪ ﻳﻌﻤﻞ" اﻟﺘﺠﺎري:‬ ‫ﻧﻤﻮذج "دﻋﻪ ﻳﻌﻤﻞ" اﻟﺘﺠﺎري‬ ‫ﻧﻤﻮذج اﻟﺘﻼﻋﺐ‬ ‫اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻻهﺘﻤﺎم اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ و ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدي‬‫اﻧﺤﻴﺎز أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﻣﻬﻴﻜﻞ‬‫اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺮاهﻦ،ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺴﻠﻄﺔ‬‫اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻲ، و ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻄﻠﺐ‬‫اﻟﻌﺎم‬ ‫و اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ‬ ‫ﻋﺮوض و اآﺘﺸﺎﻓﺎت ﻧﺰﻳﻬﺔ‬‫ﺣﺠﻢ أﺧﺒﺎر و ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻨﺘﻘﺎة‬‫ﺗﻤﺮآﺰ اﻟﻤﻠﻜﻴﺔ و ﺧﺒﺮﺗﻬﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ‬‫ﺗﻤﺮآﺰ ﻋﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻗﺒﺔ‬‫اﻟﻔﻌﺎل ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ و‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ و اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ‬ ‫اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻤﺘﻀﺎرﺑﺔ‬ ‫اﻟﺠﻤﻬﻮر آﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﺑﺼﻴﺮ )ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺣﻜﻴﻢ(‬‫اﻟﺠﻤﻬﻮر آﺤﺸﺪ ذري )ﻣﺴﺘﻬﻠﻚ ﺳﻠﺒﻲ(‬‫)51:3791,‪(Cohen and Young‬‬

‫ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﺣﺪد ﺗﺸﻴﺒﻨﺎل ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﺒﺎدئ ﻣﻬﻨﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺨﻔﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺑﻨﺎء‬ ‫اﻷﺧﺒﺎر:‬ ‫)اﻟﺴﺮﻋﺔ/اﻟﺤﺎﺿﺮ(‬ ‫١. اﻵﻧﻴﺔ‬ ‫)اﻟﺪراﻣﺎ و اﻟﺤﺮآﺔ(‬ ‫٢. اﻟﺪراﻣﺎ‬ ‫)ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ/ اﻟﻤﺸﺎهﻴﺮ(‬ ‫٣. اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ‬ ‫)إﻟﻐﺎء اﻷﺳﺎﺳﻴﺎت و اﻟﺘﺮآﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺸﻮر(‬ ‫٤. اﻟﺘﺒﺴﻴﻂ‬ ‫)ﻗﺮاءة اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ(‬ ‫٥. اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻤﻤﻨﻮع‬ ‫)ﺳﻴﻄﺮة اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ(‬ ‫٦. اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ‬ ‫)اﻟﺨﺒﺮاء، ﻗﺎﻋﺪة اﻟﻘﻮة، اﻟﺴﻠﻄﺔ(‬ ‫٧. اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻤﻬﻴﻜﻞ‬ ‫)زاوﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة،اﻟﺘﺨﻤﻴﻦ،اﻟﺘﺤﺮﻳﻒ(‬ ‫٨. اﻟﺠﺪة، اﻟﺒﺪﻋﺔ‬ ‫)32:7791 ,‪. (Chibnall‬‬ ‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻤﻮذج آﻮهﻦ و ﻳﻮﻧﻎ و ﻧﻤﻮذج ﺗﺸﻴﺒﻨﺎل ﻧﺴﺘﻨﺘﺞ أن ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫و اﻹﺛﺎرة ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ هﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻮاﻗﻊ وﻓﻖ ﻣﺼﺎﻟﺢ و أهﺪاف‬ ‫ﻣﻌﻴﻨﺔ. آﻤﺎ أن اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺨﺒﺮﻳﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ هﻲ ﺁﻟﻴﺎت و ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺗﺤﺪدهﺎ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ و اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ و‬ ‫اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. و هﻨﺎ ﻳﻔﺮض اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻧﻔﺴﻪ: هﻞ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﺠﻨﺲ و‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫5‬

‫اﻟﻌﻨﻒ هﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و زﻳﺎدة وﻋﻲ أﻓﺮاد‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﺠﻨﺒﻬﺎ؟ أم اﻟﻬﺪف هﻮ اﻹﺛﺎرة واﻟﻐﺮاﺑﺔ واﻵﻧﻴﺔ و اﻟﺤﺮآﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﻘﻄﺎب أآﺒﺮ ﻋﺪد‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻤﺒﻴﻌﺎت و اﻹﻋﻼﻧﺎت و اﻟﻜﺴﺐ؟‬ ‫ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم:اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف آﻘﻴﻢ ﺧﺒﺮﻳﺔ:‬ ‫ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ أهﺘﻢ اﻟﻌﻠﻤﺎء و اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻹﻋﻼم و‬ ‫اﻻﺗﺼﺎل ﺑﺈﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و ﺗﺄﺛﻴﺮاﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮر. ) . ‪(The Payne Fund‬‬
‫‪Studies‬‬

‫و ﺗﻮﺻﻞ ﻋﺪد ﻣﻨﻬﻢ إﻟﻰ أن ﺗﺄﺛﻴﺮات ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و ﺧﺎﺻﺔ‬ ‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﺗﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ ارﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺣﺬرت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺘﻌﻤﻴﻢ و ﺿﺮورة اﻟﺤﺬر، ﺣﻴﺚ أن ﻓﻌﻞ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﻋﺪة ﻋﻮاﻣﻞ –‬ ‫اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ،اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ،ﺷﺨﺼﻴﺔ،ﻧﻔﺴﻴﺔ،ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ،دﻳﻨﻴﺔ...اﻟﺦ. ﻓﺎﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻜﻮن ﻓﻲ‬ ‫أي ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال هﻮ اﻟﻤﺴﺒﺐ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻻرﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ.‬ ‫) & ‪Lowery‬‬
‫221 :3891,‪.(Defleur‬‬

‫ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻹﻋﻼم و اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ و اﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺮج ﻋﻦ‬ ‫اﻟﻤﻌﻬﻮد و ﻋﻦ اﻟﻤﺄﻟﻮف ﻣﺎدة دﺳﻤﺔ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. ﻓﺎﻹﺛﺎرة و اﻟﻐﺮاﺑﺔ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫آﻠﻬﺎ ﻣﻮاد ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﺟﻤﻬﻮر اﻟﻘﺮاء و اﻟﻤﺸﺎهﺪﻳﻦ و اﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻴﻦ. ﻓﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬ ‫ﻳﺸﺒﻊ ﺟﻤﻬﻮرهﺎ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻻﻧﻌﻜﺎﺳﺎت و اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ. و ﻗﻠﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﺆﺳﺴﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﻔﻜﺮ و‬ ‫ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻌﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻣﻦ رﺳﺎﺋﻞ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر.‬ ‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻳﺠﺐ أن ﻧﻌﺘﺮف أن وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي هﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺮﺁة‬ ‫ﻋﺎآﺴﺔ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪث و ﻳﺪور ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻓﺎﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻣﺎدة ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻟﻌﺪة‬ ‫اﻋﺘﺒﺎرات و أﺳﺒﺎب ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻔﻀﻮل و ﻣﻨﻬﺎ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ و ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺎدة. ﺣﻴﺚ ﻧﻼﺣﻆ هﻨﺎ أن‬ ‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﻐﺮس ﻗﻴﻢ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﺠﻤﻬﻮر.‬

‫ﺗﺄﺛﻴﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮر:‬ ‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻜﻮﻳﻨﻴﺔ: ﺗﺮى هﺬﻩ اﻟﻤﺪرﺳﺔ أن اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺠﺎﻧﺢ و اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻋﻨﺪ‬ ‫اﻟﻔﺮد هﻮ ﻓﻄﺮي و ﺑﺎﻟﻐﺮﻳﺰة. و ﺿﻊ اﻷﺳﺲ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻤﺪرﺳﺔ آﻞ ﻣﻦ "ﻟﻤﺒﺮوزو" و‬ ‫"ﺳﻴﻐﻤﻮﻧﺪ ﻓﺮوﻳﺪ" و ﻏﻴﺮهﻢ ﺣﻴﺚ ﻳﺮون أن اﻟﻐﺮاﺋﺰ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ هﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻔﺮد إﻟﻰ‬ ‫اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ.‬ ‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ: ﺗﺮﺑﻂ هﺬﻩ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻓﻌﻞ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﺣﻴﺚ أن اﻟﻔﺮد ﻣﻘﺎﺑﻞ‬ ‫اﻧﺘﻤﺎﺋﻪ و ﻋﻴﺸﻪ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻓﻲ ﻧﺴﻴﺞ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ و ﺛﻘﺎﻓﻲ و ﺳﻴﺎﺳﻲ و‬ ‫اﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻌﻴﻦ و ﻗﺪ ﻳﺘﺼﺮف و ﻳﻘﻮم ﺑﺴﻠﻮك ﻣﻌﻴﻦ وﻓﻖ ﻣﺎ هﻮ ﻣﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.‬ ‫ﻓﺤﺴﺐ "دورآﺎﻳﻢ" ﺳﺒﺐ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ هﻮ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ و ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ و ﻗﻴﻤﻪ و ﻣﺒﺎدﺋﻪ.‬ ‫ﻓﺎﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻳﻔﺮزهﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ اﻟﻔﺮد.‬ ‫دور وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ ﻧﺸﺮ اﻟﻌﻨﻒ: ﺗﺆﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺑﻔﺮﺿﻴﺔ أن وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬ ‫ﺑﺘﻐﻄﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﺣﻴﺚ أن اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﻤﺎ‬ ‫ﻳﺸﺎهﺪﻩ أو ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ و اﻟﻨﻤﺬﺟﺔ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻋﻠﻰ‬ ‫ارﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ.‬ ‫اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﻤﻔﺴﺮة ﻟﻠﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم:‬ ‫ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ: ﺗﻨﻄﻠﻖ هﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﺿﻴﺔ أن اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ‬ ‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻳﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ اﻟﻌﺪوان. و ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﺮض‬ ‫و اﻟﻈﻠﻢ ﻳﻮﻟﺪ اﻟﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﻌﺪوان ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮد و ﻳﻤﻜﻦ إﺷﺒﺎع هﺬا اﻟﻤﻴﻞ ﺑﺎﻟﻌﺪوان‬ ‫أن اﻹﺣﺒﺎط‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫6‬

‫اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ أو ﺑﻤﺸﺎهﺪة اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﺮﺗﻜﺒﻮن اﻟﺠﺮاﺋﻢ و ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﻌﺪوان. ﻓﺎﻟﺘﻌﺮض ﻷﻋﻤﺎل اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺨﻔﺾ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ اﻟﻌﺪوان.‬ ‫ﻓﺄﻓﻼم اﻟﻌﻨﻒ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺼﺎص ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ارﺗﻜﺎب اﻟﻌﺪوان و اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻋﻨﺪ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻤﻬﻮر، آﻤﺎ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟﻘﻠﻖ و اﻟﺘﻮﺗﺮ. )52-5 :0991,‪(Dorr & Kunkel‬‬ ‫ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﺳﺘﺜﺎرة: ﺗﻨﻄﻠﻖ هﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﺿﻴﺔ أن اﻟﺘﻌﺮض ﻟﺤﺎﻓﺰ أو ﻣﺜﻴﺮ ﻋﺪواﻧﻲ‬ ‫ﻳﻔﺮز اﻹﺛﺎرة اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮد.. و هﺬﻩ اﻹﺛﺎرة ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ زﻳﺎدة اﺣﺘﻤﺎﻻت ﻗﻴﺎم اﻟﻔﺮد‬ ‫ﺑﺘﺼﺮف ﻋﺪواﻧﻲ. أآﺪت اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﺖ هﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ) ‪Berkowitz, Liebert‬‬ ‫)‪ et al., Hiebert et al., Parke, Eron, Milavsky, Dor, Becker‬ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﻔﺎدهﺎ‬ ‫أن اﻟﻤﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ ﺗﺆدي إﻟﻰ اﺳﺘﺜﺎرة اﻟﻤﺸﺎهﺪﻳﻦ ﻧﻔﺴﻴﺎ و‬ ‫ﻋﺎﻃﻔﻴﺎ و ﺗﻬﻲء ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺷﻌﻮرا و ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﺷﺎهﺪوﻩ. و ﻣﻦ‬ ‫أﻃﺮوﺣﺎت هﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ و اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻠﺖ ﻟﻬﺎ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺒﺮر ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﻘﺒﻞ‬ ‫و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﺪوان ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺪوان ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ. آﻤﺎ أن ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻟﺪى ﻋﺪد آﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس. آﻤﺎ ﺗﻮﺻﻠﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻰ وﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ‬ ‫إرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻟﺪى اﻷﻃﻔﺎل، و ﻣﺸﺎهﺪة ﻣﻮاد اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ و اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن.‬ ‫ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﺪﻋﻴﻢ: ﻳﺮى "آﻼﺑﺮ" أن ﻣﺠﺮد اﻟﺘﻌﺮض إﻟﻰ ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ‬ ‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻻ ﻳﺆدي ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟﻰ ارﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. و ﻣﻦ ﺧﻼل دراﺳﺎﺗﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﺧﻠﺺ‬ ‫"آﻼﺑﺮ" إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮن إﻻ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ‬ ‫اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ و اﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﻌﺪوان ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. ﻓﺤﺴﺐ "آﻼﺑﺮ" ﻳﻌﺘﺒﺮ‬ ‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن أﺣﺪ اﻟﻌﻮاﻣﻞ و ﻟﻴﺲ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺘﺄﺛﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺮد ﻻرﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ أو اﻟﺴﻠﻮك‬ ‫اﻟﻌﺪواﻧﻲ. و آﺈﻋﻼﻣﻲ و آﺒﺎﺣﺚ أﻗﺘﺮح "آﻼﺑﺮ" ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ‬ ‫و اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل‬ ‫أﺧﺬهﺎ ﺑﻌﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻋﻨﺪ دراﺳﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺗﻐﻄﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ‬ ‫اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر:‬
‫١. ﺗﻨﻮع اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮن، و هﻲ ﺗﻨﺼﺐ أﺳﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺨﺪام و اﻹﺷﺒﺎع‬ ‫و اﻟﻤﺸﺎرآﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ.‬ ‫٢. ﻣﺤﺘﻮى ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮة و اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻘﺪﻩ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ، و‬ ‫إﻧﻤﺎ هﻮ أﺣﺪ ﻋﻮاﻣﻞ و ﻣﺆﺛﺮات أﺧﺮى ﻧﻔﺴﻴﺔ و اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.‬ ‫٣. ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻈﺮوف اﻷﺧﺮى، ﻓﺈن وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺗﻤﻴﻞ إﻟﻰ ﺗﺪﻋﻴﻢ ﻣﺎ هﻮ‬ ‫ﻣﻮﺟﻮد أﺻﻼ، و ﻟﻴﺲ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻣﺎ هﻮ ﻗﺎﺋﻢ.‬ ‫٤. ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮن هﻨﺎك ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم، ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن هﺬا اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻧﺎﺗﺠﺎ ﻋﻦ‬ ‫ﻣﺘﻐﻴﺮات أﺧﺮى، أو ﺣﻴﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﺪى اﻟﻔﺮد رﻏﺒﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ.‬ ‫٥. وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻧﻔﺴﻲ و ﺟﺴﻤﺎﻧﻲ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﻘﻴﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﻘﺼﻴﺮ.‬ ‫٦. ﻳﺘﺤﺪد ﺗﺄﺛﻴﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﻗﻒ، و اﻟﻤﻨﺎخ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، و اﻟﻈﺮوف‬ ‫اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻤﺤﺘﻮى اﻟﻤﻘﺪم ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. ) 9-8:0691,‪Klapper‬‬ ‫(.‬

‫ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﻨﻤﺬﺟﺔ: ﺗﻨﻄﻠﻖ هﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ و دور وﺳﺎﺋﻞ‬ ‫اﻹﻋﻼم ﻓﻲ اﻟﺘﻄﻮر اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻔﺮد. ﻓﻮﻓﻘﺎ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻓﺈن أﻓﺮاد اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﻣﺤﺎآﺎة ﺳﻠﻮك اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﻌﺪوان ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ‬ ‫اﻹﻋﻼم، آﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺸﺮﻳﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﺎب‬ ‫ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. ﻓﺎﻷﻃﻔﺎل ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﻠﺴﻮن أﻣﺎم ﺟﻬﺎز اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن و ﻳﺸﺎهﺪون اﻟﻌﻨﻒ و‬ ‫اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺎﺷﺔ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺤﺎآﻮن آﻞ أﺷﻜﺎل اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺠﺪﻳﺪ. ﻓﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺗﺤﺪث و‬ ‫ﻳﺘﻢ اآﺘﺴﺎب ﻧﻤﺎذج ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺴﻠﻮك اﻟﺴﻮي و ﻏﻴﺮ اﻟﺴﻮي و ﻟﻠﺴﻠﻮك اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ و‬ ‫اﻟﺬي ﺗﺼﻮرﻩ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺎل أو اﻟﻮاﻗﻊ.‬ ‫ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ: ﺗﻨﻄﻠﻖ هﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻘﻤﺺ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ‬ ‫اﻹﻋﻼم ، ﻓﻬﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻤﺺ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ و ﻧﻈﺮﻳﺔ أﺧﺬ اﻷدوار ﻓﻲ‬ ‫اﻟﺘﻘﻤﺺ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ. ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﻧﺘﻮﻗﻊ ﻣﺸﺎﻋﺮ و أﺣﺎﺳﻴﺲ اﻵﺧﺮﻳﻦ و ﺳﻠﻮآﻬﻢ، و ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﺨﺮج‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫7‬

‫ﺑﺘﻨﺒﺆات ﻳﺼﺒﺢ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻬﺎرة ﺗﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ب"اﻟﺘﻘﻤﺺ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ"، أي‬ ‫و ﺗﺼﻮر أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻇﺮوف اﻵﺧﺮﻳﻦ. و هﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﺎدة ﻋﻨﺪﻣﺎ‬ ‫اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﺳﻘﺎط‬ ‫و ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ‬ ‫ﻳﻘﻠﺪ اﻷﻃﻔﺎل أﺑﻄﺎﻟﻬﻢ ﻓﻲ أﻓﻼم اﻟﺨﻴﺎل‬ ‫وﻟﻠﺠﺮاﺋﻢ.‬ ‫إن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺪور و اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج ﺗﺘﻜﺎﻣﻼن ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻓﻬﻲ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻜﻴﻒ‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ، و ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺳﻠﻮآﻪ ﻟﻴﺘﻔﻖ ﻣﻊ اﻟﻈﺮوف، و اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة، و اﻟﻮﺿﻊ‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻪ، و ذﻟﻚ ﺑﺄن ﻳﻨﻤﻲ و ﻳﻄﻮر ﺗﻮﻗﻌﺎت ﻳﻘﻮم ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄدوار اﻵﺧﺮﻳﻦ،‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫أو ﺑﺎﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎت، أو ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻷﻣﺮﻳﻦ ﻣﻌﺎ. ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻮﺣﺪ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﻧﻈﺮﻳﺔ‬ ‫و ﻧﻈﺮﻳﺔ أﺧﺬ اﻷدوار ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻤﺺ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ. ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ‬ ‫اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻤﺺ اﻟﻮﺟﺪاﻧﻲ‬ ‫ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻨﺎ و ﺳﻠﻮآﻴﺎﺗﻨﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ هﺬا اﻷﺳﺎس اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻤﺎ ﻧﺘﻌﺮض ﻟﻪ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل‬ ‫اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي، و ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺪرك ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮ ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﻗﻀﻰ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻮﻗﺖ أﻣﺎم ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن أآﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻗﻀﺎﻩ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ. )ﻣﻜﺎوي، ﻟﻴﻠﻰ اﻟﺴﻴﺪ(.‬ ‫اﻟﺘﺒﺎدل ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺊ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻤﺎل و اﻟﺠﻨﻮب : اﻟﻌﺮب و اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ و اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‬ ‫إذا ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة هﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﻓﻬﻨﺎك ﺗﺒﻌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺨﺒﺮﻳﺔ ﺣﻴﺚ أن ﻣﻬﻨﺔ‬ ‫اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ هﻲ اﺧﺘﺮاع ﻏﺮﺑﻲ أﺳﺘﻮردﻩ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ ﻏﻴﺮهﻢ. و اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ هﻲ آﺬﻟﻚ ﻣﻨﺘﺞ‬ ‫ﻏﺮﺑﻲ ﺗﻢ اﺳﺘﻴﺮادﻩ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ. و ﻓﻲ هﺬا اﻹﻃﺎر ﻧﻼﺣﻆ أن ﻧﺴﺒﺔ آﺒﻴﺮة ﺟﺪا‬ ‫ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺸﺮ و ﻳﺒﺚ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ هﻮ ﻣﺎدة إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﺴﺘﻮردة ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻷﺧﺮ ﺳﻮاء ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﻟﺨﺒﺮﻳﺔ أو ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻧﻲ و اﻟﺮﻣﻮز و اﻟﺼﻮر. و ﻧﻼﺣﻆ‬ ‫هﺬﻩ اﻟﻈﺎهﺮة ﻓﻲ اﻷﺧﺒﺎر و اﻟﻤﺴﻠﺴﻼت و اﻷﻓﻼم و اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺤﻮارﻳﺔ و اﻹﻋﻼﻧﺎت و آﻞ ﻣﺎ‬ ‫ﻳﻤﻜﻦ ﻧﺸﺮﻩ أو ﺑﺜﻪ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. ﻓﺄﻓﻼم اﻟﻜﺎرﺗﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺜﻬﺎ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ هﻲ‬ ‫ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﺎ ﻣﺴﺘﻮردة، و ﺗﻤﺜﻞ ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻮق ال٠٧%، و ﻧﻔﺲ‬ ‫اﻟﺸﻲء ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻦ اﻷﻓﻼم و اﻟﻤﺴﻠﺴﻼت.و ﺣﺘﻰ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺎهﺪهﺎ اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ هﻲ‬ ‫ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻵﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ "ﺗﻔﺒﺮك" و ﺗﺼﻨﻊ و ﺗﺮآﺐ و ﺗﻌﻴﺪ اﻟﺘﺮآﻴﺐ‬ ‫و ﺗﻌﻴﺪ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ وﻓﻖ ﻗﻴﻢ و ﻧﻈﻢ و اﻋﺘﺒﺎرات وﺁراء و ﻣﻌﺘﻘﺪات و أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ و أهﺪاف و ﻣﺼﺎﻟﺢ‬ ‫اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ و اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷﺧﺒﺎر و اﻷﻓﻼم و‬ ‫و اﻹﻋﻼﻧﺎت و اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻓﺎﻟﻤﻮاد اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ و‬ ‫اﻟﻤﺴﻠﺴﻼت‬ ‫اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺮﻳﺌﺔ و إﻧﻤﺎ هﻲ ﻣﻨﺘﺠﺎت ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻓﻜﺮ و اﺗﺠﺎهﺎت و ﺁراء و ﻣﻮاﻗﻒ.‬ ‫ﺛﺎرت ﺿﺠﺔ آﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻞ اﻟﺪوﻟﻴﺔ وﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺣﻮل ﻣﺎ آﺎن ﻳﺴﻤﻰ وﻣﺎ زال اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ. واﺳﺘﻌﻤﻠﺖ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺚ وﺧﺎﺻﺔ دول ﻋﺪم اﻻﻧﺤﻴﺎز ﻣﻨﺒﺮ اﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ "اﻣﺎدو ﻣﺤﺘﺎر ﻣﺒﻮ" ﻟﻠﻬﺠﻮم ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻮﺿﻊ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺊ ، وﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدل ﻟﺘﺪﻓﻖ اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺒﺮاﻣﺞ ﺑﻴﻦ دول اﻟﺸﻤﺎل‬ ‫ودول اﻟﺠﻨﻮب. وﻃﺎﻟﺒﺖ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﺿﺮورة ﺗﺼﺤﻴﺢ هﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﺑﻴﻦ دول اﻟﺸﻤﺎل ودول‬ ‫اﻟﺠﻨﻮب،. واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮام اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ. وﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻹﺟﺮاءات‬ ‫اﻟﺘﻲ اﺗﺨﺬﺗﻬﺎ دول ﻋﺪم اﻻﻧﺤﻴﺎز إﻧﺸﺎء ﻣﺠﻤﻊ وآﺎﻻت أﻧﺒﺎء ﻋﺪم اﻻﻧﺤﻴﺎز وهﺬا آﺒﺪﻳﻞ ﻟﻠﻮآﺎﻻت‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻸﻧﺒﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ٠٩% ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﺪوﻟﻴﺔ. وﺿﻤﻦ هﺬﻩ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت‬ ‫واﻟﻤﻄﺎﻟﺐ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ رﻓﻀﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة وﻣﻦ آﺎن وﻣﺎ زال ﻳﺪور ﻓﻲ‬ ‫ﻓﻠﻜﻬﺎ ﻓﻜﺮة اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺣﻴﺚ اﻋﺘﺒﺮﺗﻪ ﺗﺪﺧﻼ ﺳﺎﻓﺮا ﻓﻲ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ وﻓﻲ اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻟﺤﺮ‬ ‫ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت.‬ ‫ﻋﻠﻘﺖ اﻵﻣﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻊ وآﺎﻻت دول ﻋﺪم اﻻﻧﺤﻴﺎز واﻟﻤﺠﻬﻮدات اﻟﻔﺮدﻳﺔ واﻟﺘﻌﺎوﻧﻴﺔ‬ ‫اﻟﻤﺸﺘﺮآﺔ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻤﺘﻀﺮرة ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﺪول اﻟﻌﻈﻤﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ و اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ. ﻟﻜﻦ هﺬﻩ اﻵﻣﺎل ﺑﺎءت ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﺣﻴﺚ اﻧﻬﺎر اﻟﻨﻈﺎم‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻮﻟﺪ وﻓﺸﻞ اﻟﻤﺠﻤﻊ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ اﻟﺪول‬ ‫ُ‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫8‬

‫اﻷﻋﻀﺎء وﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ آﺎﻧﺖ اﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻧﻈﺎم إﻋﻼﻣﻲ وﻃﻨﻲ‬ ‫ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺑﻴﺘﻬﺎ وﺗﺮﺗﻴﺐ اﻟﺘﺪﻓﻖ اﻹﻋﻼﻣﻲ داﺧﻞ ﺣﺪودهﺎ. وهﻜﺬا ﻓﺸﻠﺖ دول‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻄﻠﺐ هﺎم ورﺋﻴﺴﻲ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻀﺮورة ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻄﺮق واﻹﺟﺮاءات‬ ‫واﻟﻤﻨﺎهﺞ وراﺣﺖ ﺿﺤﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺎرات واﻷﻣﺎﻧﻲ واﻟﻌﻮاﻃﻒ. وﺟﺎءت اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت ﺑﺎﻟﻘﻨﻮات‬ ‫اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺗﻜﺎﺛﺮت واﻧﺘﺸﺮت وأﺻﺒﺤﺖ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎدة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد‬ ‫اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ. وﺟﺎءت هﺬﻩ اﻟﻘﻨﻮات ﺣﺴﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ وأﺻﺤﺎب اﻟﻘﺮار ﻟﺮد اﻻﻋﺘﺒﺎر‬ ‫وﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻐﺰو اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﺬات. أﻗﺒﻠﺖ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮاء‬ ‫اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ واآﺘﺴﺎب آﻞ اﻟﺘﻘﻨﻴﺎت واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻼزﻣﺔ واﻟﻀﺮورﻳﺔ ﻟﻠﺒﺚ واﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ‬ ‫ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ.‬ ‫ﻣﺎ هﻲ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺘﻬﺎ اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﻟﺒﺜﻬﺎ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر وﻣﺎ هﻲ‬ ‫اﻟﻤﻮازﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﺧﺼﺼﺘﻬﺎ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎج ؟ وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﻮﺟﻮد‬ ‫اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻋﻦ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﺪون إﻧﺘﺎج إﻋﻼﻣﻲ وﺛﻘﺎﻓﻲ ﺟﻴﺪ ﻟﻨﻘﺪﻣﻪ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ. وهﻜﺬا ﻧﻼﺣﻆ‬ ‫أن ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺒﺚ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪ زادت ﻋﺸﺮات اﻟﻤﺮات ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﻘﻲ اﻹﻧﺘﺎج ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ‬ ‫وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺗﺮاﺟﻊ. وﻣﻦ هﻨﺎ أﺻﺒﺢ ﺣﺠﻢ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺤﺪودا ﺟﺪا ﻣﻘﺎرﻧﺔ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﺴﻼت اﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻴﺔ واﻟﺒﺮازﻳﻠﻴﺔ اﻟﻤﺪ ﺑﻠﺠﺔ ﻧﺎهﻴﻚ ﻋﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎت هﻮﻟﻴﻮد وﺑﻮﻟﻴﻮد وإﺷﻜﺎﻟﻴﺔ‬ ‫اﻹﻧﺘﺎج ﺗﺘﺤﺪد ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﻤﻮازﻧﺔ واﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﺣﻴﺚ أن اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﺗﺠﺮي وراء‬ ‫اﻟﺮﺑﺢ دون اﻷﺧﺬ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺤﻀﺎري واﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ.‬ ‫وهﻜﺬا وﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺟﺪا ﻧﺠﺪ أن ﺷﺮاء ﻣﺴﻠﺴﻞ أﺟﻨﺒﻲ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻤﺎﺋﺔ أﻟﻒ‬ ‫دوﻻر أﻣﺎ إﻧﺘﺎج ﻣﺴﻠﺴﻞ ﻋﺮﺑﻲ ﻗﺪ ﻳﺘﻌﺪى ﻋﺸﺮات اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات وهﻜﺬا ﻓﺈن ﻣﻌﺎدﻟﺔ‬ ‫اﻟﺮﺑﺢ ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺌﻮل اﻟﻘﻨﺎة أن ﻳﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ أﻗﻞ ﺗﻜﻠﻔﺔ و أآﺒﺮ رﺑﺢ. وإذا آﺎن اﻹﻧﻔﺎق‬ ‫اﻹﻋﻼﻧﻲ ﻣﺤﺪود واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ ﻓﺈن ﻣﻮازﻧﺔ اﻹﻧﺘﺎج ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺤﺪودة وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻠﺠﺄ اﻟﻘﻨﺎة‬ ‫اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﻴﺮاد اﻟﻤﻌﻠﺐ واﻟﺠﺎهﺰ واﻟﻤﺪ ﺑﻠﺞ ﻟﻤﻞء ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺒﺚ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ واﻟﻤﺘﻜﺮرة. ﻋﻠﻤﺎ‬ ‫أن هﺬا اﻟﻤﻌﻠﺐ و اﻟﻤﺪﺑﻠﺞ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻪ ﻗﻴﻤﺎ دﺧﻴﻠﺔ و ﻧﺴﺒﺔ آﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و‬ ‫اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ.‬ ‫ﻟﻘﺪ أدى اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ اﻟﺴﺮﻳﻊ إﻟﻰ ﻏﺰو اﻟﻔﻀﺎء وﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت وﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‬ ‫اﻟﻜﻮن ﺣﻴﺚ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ وﻏﺰت ﺛﻘﺎﻓﺔ "اﻟﻤﺎآﺪوﻧﺎﻟﺪ" ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﻘﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫وﺟﺎءت ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺘﻔﺮض ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻣﻮﺣﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل هﺬﻩ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬ ‫ُ‬ ‫ﺗﻘﻮدهﺎ اﻟﺸﺮآﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮآﺐ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟﻌﺴﻜﺮي اﻻﺗﺼﺎﻟﻲ.‬ ‫وهﺬﻩ اﻟﺸﺮآﺎت ﺗﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻷﺧﺮى‬ ‫وﺗﻨﺸﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪم أهﺪاف وﻣﺼﺎﻟﺢ هﺬﻩ اﻟﺸﺮآﺎت. وﺟﺎءت اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وﻧﻈﺮا‬ ‫ﻟﻐﻴﺎب ﺧﻄﺔ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﺪروﺳﺔ، وﻧﻈﺮا ﻟﻐﻴﺎب ﻣﻮازﻧﺔ ﻣﻌﺘﺒﺮة ﻓﺈﻧﻬﺎ وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﺮﻋﺎ ﻣﻦ ﻓﺮوع‬ ‫ً‬ ‫هﺬﻩ اﻟﺸﺮآﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت ﺗﻌﻠﻦ ﻋﻦ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ وﺗﺮوج ﻟﺴﻠﻌﻬﺎ وﻗﻴﻤﻬﺎ وأﻓﻜﺎرهﺎ.‬ ‫ّ‬ ‫وأﺻﺒﺤﺖ دون أن ﺗﺪري ﺻﻨﺪوق ﺑﺮﻳﺪ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻟﺘﻮزﻳﻊ ﻣﻨﺘﺞ اﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻐﺰو‬ ‫واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺪﺧﻴﻠﺔ وﻧﺸﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ واﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻣﻦ‬ ‫ﺧﻼل اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﻤﻌﻠﺒﺔ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﺗﺪور ﻓﻲ ﻓﻠﻚ ﺁﻟﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺗﺮوج ﻷﻓﻜﺎر و ﻣﺒﺎدئ و‬ ‫ّ‬ ‫ﻗﻴﻢ و ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷﻗﻮى اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ وﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ. واﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬآﺮ هﻨﺎ هﻮ آﻴﻒ‬ ‫ﻧﻘﺎﻃﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ وآﻴﻒ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ وﺗﺮاﺛﻨﺎ وﺣﻤﺎﻳﺔ‬ ‫هﻮﻳﺘﻨﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، واﻹﺟﺎﺑﺔ هﻨﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻹﻧﺘﺎج واﻟﻌﻤﻞ واﺳﺘﻐﻼل اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﻌﻠﻢ ﻟﺨﺪﻣﺔ‬ ‫اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ و ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﻮارد اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ و ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻔﺮد.‬ ‫أدت اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ وﺳﻴﻄﺮة اﻟﺸﺮآﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة اﻟﺠﻨﺴﻴﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ إﻟﻰ ﺿﻴﺎع‬ ‫اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ واﻟﺘﺴﻄﻴﺢ واﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﺮآﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺨﻔﻴﻔﺔ‬ ‫ﻣﻦ ﻣﻨﻮﻋﺎت وﺳﺒﺎق اﻷﻏﺎﻧﻲ وﻣﺴﺎﺑﻘﺎت وﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻬﺪف إﻟﻰ ﺳﺪ اﻟﻔﺮاغ وﻣﻞء أوﻗﺎت اﻟﺒﺚ ..‬ ‫اﻟﺦ، هﺬا ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺠﺎدة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻟﺞ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫9‬

‫واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎهﻢ ﻓﻲ إﺷﺮاك اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ و‬ ‫اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ و ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ. ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر أن ﺑﻌﺪ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻜﺎد ﻳﻨﻌﺪم‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﺮآﻴﺰ ﻳﻜﺎد ﻳﺘﻤﺤﻮر ﺣﻮل اﻟﺒﻌﺪ اﻟﺘﺮوﻳﺠﻲ و اﻟﺘﺴﻮﻳﻘﻲ و‬ ‫اﻟﺘﺠﺎري- اﻹﻋﻼﻧﺎت - وﺑﻌﺪ اﻟﻮﻻء اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺳﻴﺦ اﻟﻨﻈﺎم وﺗﺒﺮﻳﺮﻩ وﺗﻤﺮﻳﺮ‬ ‫ﺧﻄﺎﺑﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ أي اﻋﺘﺒﺎر ﺁﺧﺮ.‬ ‫ﻓﺎﻧﻬﻴﺎر اﻟﻨﻈﺎم اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻣﻬﺪﻩ آﺎن ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺧﺎﺳﺮة و ﻓﺎﺷﻠﺔ ﻟﺪول اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺚ وﺟﺎءت ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺒﺚ اﻟﻔﻀﺎﺋﻲ وﺗﻜﺮر ﻓﺸﻞ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﺪول اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎل‬ ‫هﺬﻩ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻓﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻹﻋﻼم ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻟﺮﺟﺎل وﻟﻔﺮض اﻟﺬات وﻻﺳﺘﻌﻤﺎل هﺬﻩ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ‬ ‫اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ. وهﻜﺬا أدت ﺛﻮرة اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺜﻮرة اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‬ ‫اﻹﺗﺼﺎﻟﻴﺔ إﻟﻲ إﻟﻐﺎء اﻟﻬﻮﻳﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وﻧﺸﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ "اﻟﻜﻮآﺎآﻮﻻ" و "اﻟﻤﻴﻜﻲ ﻣﺎوس" و‬ ‫"اﻟﻬﺎﻣﺒﺮﻏﺮ" و ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﻨﺲ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ، واﻟﻐﺮﻳﺐ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ أن‬ ‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺴﺎهﻢ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺑﻜﻞ اﻓﺘﺨﺎر واﻋﺘﺰاز.‬ ‫اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﻄﺮح ﻧﻔﺴﻪ هﻨﺎ هﻮ ﻣﺎذا ﻗﺪﻣﺖ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ، وإذا‬ ‫ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻘﻨﻮات اﻷرﺿﻴﺔ ﻗﺪ ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺎدة ﺟﻴﺪة و ﻣﺪروﺳﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﺈن‬ ‫اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﺣﺴﻦ ، ﻓﻤﺜﻞ ﻧﻈﻴﺮاﺗﻬﺎ اﻷرﺿﻴﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻴﺮاد وﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻤﺎدة اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ أو اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ واﻷﻓﻜﺎر واﻟﻌﺎدات و اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ‬ ‫اﻟﺒﻌﻴﺪة آﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺒﺮيء اﻟﺬي ﻳﻘﻀﻲ وﻗﺘﺎ ﻃﻮﻳﻼ أﻣﺎم اﻟﺸﺎﺷﺔ واﻷﺧﻄﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ‬ ‫اﻧﻪ ﻳﻘﻀﻲ هﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﻣﺮاﻗﺒﺔ وﺗﻮﺟﻴﻪ اﻷوﻟﻴﺎء. وأآﺪت اﻟﺪراﺳﺎت‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ أن ﻣﺤﺘﻮى أﻓﻼم اﻟﻜﺮﺗﻮن اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ٠٧% ﻣﻨﻪ ﻳﺮآﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﻒ واﻷﻧﺎﻧﻴﺔ واﻟﻘﻮة‬ ‫وﺗﻘﻨﻴﺎت اﻟﺤﺮوب و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ و إﻗﺼﺎء اﻷﺧﺮ..اﻟﺦ. وهﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ أن اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﻟﻢ ﺗﻀﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﺎ إﻧﺘﺎﺟﻴﺎ ﻣﺪروﺳﺎ ﻟﻔﺌﺔ اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻬﺎ ﺗﺨﺼﺺ وﻗﺘﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻬﺎن ﺑﻪ‬ ‫ﻟﻠﺒﺚ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻔﺌﺔ.‬ ‫ﻟﻘﺪ ﺣﺎن اﻷوان ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﺟﻠﻴﺎ ﻓﻲ وﺿﻊ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺒﺤﺚ‬ ‫وﺗﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺨﺼﺎﺋﺼﻪ وأﺑﻌﺎدﻩ وﻣﺸﺎآﻠﻪ. ﻓﺎﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ آﻠﻔﺖ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺎت اﻟﺪول‬ ‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻟﻜﻦ ﻣﺎ هﻲ اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ؟ وﻣﺎ هﻲ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻬﺎ‬ ‫ﻟﺨﺪﻣﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ وﻟﺘﻜﻮﻳﻦ اﻹﻧﺴﺎن؟ واﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺎ هﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ‬ ‫ﻣﺪروﺳﺔ ﻟﻺﻧﺘﺎج ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاﻋﻪ وأﺷﻜﺎﻟﻪ وﻟﻤﺨﺘﻠﻒ أﻧﻮاع اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮ، أﻣﺎ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻟﺘﻲ‬ ‫ﻻ ﺗﻘﻞ أهﻤﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻲ هﻲ ﺿﺮورة اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺪراﺳﺎت وأﺑﺤﺎث ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﺧﺼﺎﺋﺺ‬ ‫اﻟﺠﻤﻬﻮر وأوﻟﻮﻳﺎت اﻹﻧﺘﺎج واﻟﺤﺎﺟﺎت آﻤﺎ ﻳﺠﺐ آﺬﻟﻚ دراﺳﺔ آﻴﻔﻴﺔ ﺗﻄﻮﻳﺮ وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت‬ ‫اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ وآﻴﻔﻴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻠﻬﺎ و رﻋﺎﻳﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﻔﺮد و اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ و ﺣﺘﻰ‬ ‫ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻟﻠﻤﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ.‬ ‫ﻳﺰﻳﺪ ﻋﺪد ﺳﻜﺎن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ٠٠٣ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴﻤﺔ وهﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﺟﻤﻬﻮرا آﺒﻴﺮا‬ ‫وﻣﻌﺘﺒﺮا ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎون واﻟﺘﺒﺎدل واﻹﻧﺘﺎج اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺧﺎﺻﺔ إذا‬ ‫ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺘﻘﺎﺳﻢ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺪﻳﻦ. ﻓﺎﻟﻌﻴﺐ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ أو‬ ‫ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ أو أوروﺑﺎ أو اﻟﻴﺎﺑﺎن ، اﻟﻌﻴﺐ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼك ﺑﺪون اﻹﻧﺘﺎج و اﻻﻋﺘﻤﺎد‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻻﺳﺘﻬﻼك اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮز اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ و اﻹﺗﻜﺎﻟﻴﺔ و اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﺮوج و ﻳﺴﻮق‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ﺳﻠﻌﻪ وأﻓﻜﺎرﻩ و ﻗﻴﻤﻪ .‬ ‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻄﻔﻞ:‬ ‫ﻧﺰل اﻟﺨﺒﺮ آﺎﻟﺼﺎﻋﻘﺔ، ﺗﻠﻤﻴﺬان ﻳﻄﻠﻘﺎن اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻰ زﻣﻼﺋﻬﻢ و أﺳﺎﺗﺬﺗﻬﻢ ﻓﻴﻘﺘﻠﻮن أرﺑﻌﺔ‬ ‫ﻣﻦ زﻣﻼﺋﻬﻢ و ﻣﺪرﺳﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ،أﺣﺪهﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ٣١ ﺳﻨﺔ و اﻷﺧﺮ ١١ ﺳﻨﺔ . ﺣﺪث‬ ‫هﺬا ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ "ﺟﻮﻧﺴﺒﻮرو" اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺑﻮﻻﻳﺔ "أرآﺎﻧﺴﻮ" ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫01‬

‫ﻓﻲ ٥٢ ﻣﺎرس ٨٩٩١م ، و ﻣﻨﺬ أآﺘﻮﺑﺮ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ ٧٩٩١ ﺗﺤﺪث ﻣﺜﻞ هﺬﻩ اﻟﺠﺮاﺋﻢ‬ ‫ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻃﺮف أﻃﻔﺎل اﻟﻤﺪارس ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ. اﻟﻮاﻗﻌﺔ أﺣﺪﺛﺖ ﺿﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم‬ ‫و اﻟﺒﻴﺪاﻏﻮﺟﻴﺔ. ﻇﺎهﺮة ﻏﻴﺮ‬ ‫اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ و ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻷوﺳﺎط اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ و اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‬ ‫ﺳﻮﻳﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل،و اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻃﺮﺣﻪ و ﻳﻄﺮﺣﻪ اﻟﻌﺎم و اﻟﺨﺎص هﻮ ﻣﺎ هﻲ أﺳﺒﺎب هﺬا‬ ‫اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ و هﺬا اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ أوﺳﺎط أﻃﻔﺎل ﺻﻐﺎر ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻐﻮا ﺳﻦ اﻟﺮﺷﺪ ﺑﻌﺪ؟ ﻣﻦ هﻮ‬ ‫اﻟﻤﺴﺆول؟ و ﻣﺎ هﻲ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻤﺜﻞ هﺬﻩ اﻟﺴﻠﻮآﻴﺎت و اﻟﺘﺼﺮﻓﺎت؟ ﺑﻌﺾ أﺻﺎﺑﻊ اﻻﺗﻬﺎم‬ ‫وﺟﻬﺖ آﺎﻟﻌﺎدة ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮن آﻮﺳﻴﻠﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻳﻘﻀﻲ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ و ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫ُ‬ ‫وﻗﺘﺎ ﻃﻮﻳﻼ أﻣﺎﻣﻪ ﻳﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻷرﺑﻊ ﺳﺎﻋﺎت و ﻳﺼﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن إﻟﻰ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ . اﻟﺪراﺳﺎت‬ ‫أآﺪت أن اﻷﻃﻔﺎل ﻳﻘﻀﻮن وﻗﺘﺎ أﻣﺎم ﺷﺎﺷﺔ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻳﻮازي ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﻘﻀﻮﻧﻪ ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ. أﻳﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ هﺬا اﻻﺗﻬﺎم و هﻞ هﻨﺎك ﻋﻼﻗﺔ ارﺗﺒﺎﻃﻴﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و ﻣﻈﺎهﺮ اﻻﻧﺤﺮاف و ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ؟ أم هﻨﺎك أﺳﺒﺎب أﺧﺮى‬ ‫ﻳﺠﺐ أﺧﺬهﺎ ﺑﻌﻴﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ و ﻏﻴﺮ اﻟﺴﻮي ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل.‬ ‫اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻟﻴﺲ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺒﺴﺎﻃﺔ و هﺬﻩ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ و إﻧﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺟﺬور اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‬ ‫و ﻓﻲ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ. و ﺑﺪاﻳﺔ ﻳﺠﺐ ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻷﺿﻮاء ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﺸﺮح و ﺗﻔﺴﺮ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ و ﺳﻠﻮك اﻟﻔﺮد و‬ ‫آﺬﻟﻚ ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﺤﺪد اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮك و‬ ‫ﺗﺼﺮﻓﺎت اﻷﻓﺮاد و ﻣﺎ هﻲ اﻟﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺎت و اﻟﺸﺮوط اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻮﻓﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن هﻨﺎك رد ﻓﻌﻞ‬ ‫و اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻤﻨﺒﻪ.‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺮﻋﻴﻞ اﻷول ﻟﻨﻈﺮﻳﺎت اﻹﻋﻼم واﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي، ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ أو ﻧﻈﺮﻳﺔ‬ ‫اﻹﺑﺮة ﺗﺤﺖ اﻟﺠﻠﺪ اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﺆﻣﻦ إﻳﻤﺎﻧﺎ راﺳﺨﺎ ﺑﻮﺟﻮد ﻋﻼﻗﺔ إرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ و ﺳﻠﻮك اﻟﻔﺮد. و ﻣﻦ هﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻓﺈن اﻟﺴﻠﻮك اﻹﺟﺮاﻣﻲ ﻟﻠﺘﻠﻤﻴﺬﻳﻦ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ‬ ‫"ﺟﻮﻧﺴﺒﻮرو" ﻳﻌﻮد ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ ﻣﺸﺎهﺪ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ أﻓﻼم اﻟﻜﺮﺗﻮن و ﻏﻴﺮهﺎ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ. ﻓﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺠﻤﻬﻮر اﻟﺴﻠﺒﻲ‬ ‫و ﺑﺄن ﺳﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺎ هﻮ إﻻ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﻤﻨﺒﻪ، و ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﻨﺒﻪ هﻨﺎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﻬﺎ‬ ‫اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ. ﻟﻢ ﺗﻌﻤﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ آﺜﻴﺮا ﻧﻈﺮا ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﺎت اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻨﻬﺎ‬ ‫و ﺟﺎء اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻴﺒﺮهﻦ ﻋﻠﻰ أن ﻟﻴﺲ آﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺪم ﻣﻦ ﺧﻼل وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن‬ ‫و ﺗﺤﺪد ﻋﻠﻤﻴﺎ ﻋﻼﻗﺔ‬ ‫ﻳﻌﺘﻤﺪﻩ اﻟﻤﺸﺎهﺪ. و هﻜﺬا ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ أن ﺗﻔﺴﺮ‬ ‫اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﺴﻠﻮك اﻟﻔﺮد.‬ ‫دراﺳﺔ ﺳﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺴﻴﻄﺔ و إﻧﻤﺎ ﺗﺼﺮف اﻟﻔﺮد ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻌﺪة ﻣﻌﻄﻴﺎت و ﻋﺪة‬ ‫ﻋﻮاﻣﻞ و ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إرﺟﺎﻋﻪ إﻟﻰ ﻋﺎﻣﻞ واﺣﺪ آﺄﻓﻼم اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن. أﺿﻒ إﻟﻰ‬ ‫ذﻟﻚ أن اﻟﻔﺮد ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻌﺪة ﻋﻮاﻣﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ و ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ و ﻋﺎﺋﻠﻴﺔ و دﻳﻨﻴﺔ و اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ و ﻧﻔﺴﻴﺔ و‬ ‫ﻏﻴﺮهﺎ ﺗﺘﺤﻜﻢ و ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺳﻠﻮآﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن وﺣﺪﻩ‬ ‫ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺣﺎدﺛﺔ "ﺟﻮﻧﺴﺒﻮرو" رﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﻌﺘﺒﺮ أﺣﺪ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻤﺤﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻓﻲ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ.‬ ‫ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ و ﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎع و ﻏﻴﺮهﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻳﺆآﺪون‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﻈﺮوف اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻄﻔﻞ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ و اﻧﻌﺪام اﻻهﺘﻤﺎم و‬ ‫اﻟﺤﺐ‬ ‫و اﻟﻌﻄﻒ و اﻟﺤﻨﺎن، و آﺬﻟﻚ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ﻣﻦ اﻧﻬﻴﺎر اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ و اﻟﻤﺎدﻳﺔ و اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ .‬ ‫ﻓﻮاﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﺔ أﻃﻔﺎل ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﺮ و واﺣﺪ ﻣﻦ أرﺑﻌﺔ ﻳﻮﻟﺪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ‬ ‫ﺷﺮﻋﻴﺔ. ﻓﻤﺜﻞ هﺬﻩ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﺗﺘﺮك أﺛﺎرا ﺟﺪ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻏﺪﺗﻬﺎ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى‬ ‫آﺎﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺤﻮل و اﻟﻤﺨﺪرات و اﻟﺠﻨﺲ‬ ‫و ﻏﻴﺮهﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮآﻴﺎت اﻟﺸﺎذة، و آﺬﻟﻚ إذا‬ ‫ﻏﺬﺗﻬﺎ ﻣﻮاد إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ.ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﺘﺸﺎﺑﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ و ﺗﻨﺼﻬﺮ و‬ ‫و ﺷﺮﻳﺮا ﻳﻜﻮن وﺟﻮدﻩ‬ ‫ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻞ أو اﻟﺸﺎب اﻟﺘﺎﺋﻪ،اﻟﻀﺎﺋﻊ ﻣﻨﺤﺮﻓﺎ و ﻣﺠﺮﻣﺎ‬ ‫ﺧﻄﺮا آﺒﻴﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫11‬

‫ﺣﺴﺐ اﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻧﺼﻒ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻼح ﻣﻌﻴﻦ ﺳﻮاء آﺎن‬ ‫ﻣﺴﺪﺳﺎ أو ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ أو رﺷﺎﺷﺎ…اﻟﺦ، و ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن ﺗﺘﺮك هﺬﻩ اﻷﺳﻠﺤﺔ ﻓﻲ أﻣﺎآﻦ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ‬ ‫اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ آﺒﻴﺮة. ﻓﺎﻷﻣﺮ إذن أهﻢ و أﺧﻄﺮ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ "ﺟﻮﻧﺴﺒﻮرو"‬ ‫هﻮ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻟﻜﻦ اﻷﺳﺒﺎب هﻨﺎ ﻣﻌﻘﺪة و ﻣﺘﺸﺎﺑﻜﺔ و ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺮﺟﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﻋﺎﻣﻞ واﺣﺪ.‬ ‫ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺘﻲ درﺳﺖ ﻇﺎهﺮة اﻟﻌﻨﻒ آﻤﺎ ﺗﻌﺮض ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‬ ‫و آﺴﻠﻮك ﻳﺴﻠﻜﻪ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاد أآﺪت أن ﻧﺴﺒﺔ آﺒﻴﺮة ﺟﺪا - ﺣﻮاﻟﻲ ٠٨% - ﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻳﺒﺜﻬﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ هﻲ ﻣﻮاد ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎهﺪ اﻟﻌﻨﻒ و هﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن هﻨﺎك ﻣﺸﻜﻞ ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺨﺒﺮﻳﺔ و ﻓﻲ اﻟﻤﺎدة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻠﻔﺮد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ و هﻨﺎك ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ أو ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و ﺳﻠﻮك أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ.ﻓﺈذا آﺎﻧﺖ هﺬﻩ اﻟﻨﺴﺒﺔ‬ ‫اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺗﻘﺪم ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار و ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم ﻓﻬﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ و ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ أﺻﺒﺤﺖ ﺟﺰءا ﻻ‬ ‫ﻳﺘﺠﺰأ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﻔﺮد و ﻗﻴﻤﻪ و ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻪ و ﻣﺮﺟﻌﻴﺘﻪ. و هﻨﺎ ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة أن أآﺜﺮ ﻣﻦ ٠٠٠١‬ ‫و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬ ‫دراﺳﺔ أﺟﺮﻳﺖ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي و اﻟﺴﻠﻮك اﻹﺟﺮاﻣﻲ و اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻟﻠﻔﺮد، ﺣﻴﺚ أآﺪت آﻞ هﺬﻩ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ‬ ‫اﻻرﺗﺒﺎﻃﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ.‬ ‫و إذا آﺎن اﻟﻄﻔﻞ ﻣﻌﺮض ﻟﺴﻴﻞ ﺟﺎرف ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺎهﺪهﺎ و إذا آﺎن ﻳﺘﺮك وﺣﺪﻩ و ﺑﺪون ﺗﻮﺟﻴﻪ و ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻓﻲ ﻣﺸﺎهﺪة‬ ‫و اﻟﺘﻌﺮض ﻷﻟﻌﺎب اﻟﻔﻴﺪﻳﻮ، ﻓﻔﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻻﻧﺤﺮاف ﺗﻜﻮن‬ ‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن‬ ‫ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺟﺪا. و ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﻨﺴﺤﺐ ﻧﻈﺮﻳﺔ إﺛﺎرة اﻟﺤﻮاﻓﺰ اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ أن اﻟﻤﺜﺎﺑﺮة ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﻌﻨﻒ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻬﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﺗﺆدي إﻟﻰ ارﺗﻔﺎع ﺣﺪة اﻹﺛﺎرة اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ‬ ‫واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ و هﺬا ﻣﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺣﺪوث اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ. و ﺗﺘﻼﺣﻢ ﻋﻮاﻣﻞ ﻋﺪة‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ اﻹﺣﺒﺎط و اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺘﻬﻤﻴﺶ و ﺳﻮء اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ و اﻧﻌﺪام اﻟﺤﻨﺎن و ﻏﻴﺎب اﻟﻌﻄﻒ اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ‬ ‫و اﻟﻔﺮاغ اﻟﺮوﺣﻲ آﻞ هﺬﻩ اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻣﺸﺘﺮآﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﺗﺆدي ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻓﻲ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺎ ﺷﺎهﺪﻩ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ و ﻓﻲ أﻓﻼم اﻟﺨﻴﺎل و‬ ‫أﻓﻼم اﻟﻜﺮﺗﻮن.‬ ‫ﻣﻦ هﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ أن ﺣﺎدﺛﺔ "ﺟﻮﻧﺴﺒﻮرو" ﻟﻢ ﺗﺄت ﻣﻦ اﻟﻌﺪم و إﻧﻤﺎ آﺎﻧﺖ هﻨﺎك ﻣﻌﻄﻴﺎت‬ ‫ﻋﺪﻳﺪة أدت إﻟﻰ ﺣﺪوﺛﻬﺎ، و هﻨﺎ ﻧﻼﺣﻆ آﺬﻟﻚ اﻧﺴﺤﺎب ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻼﺣﻈﺔ و اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﺆآﺪ ﻋﻠﻰ أن اﻷﻓﺮاد ﻳﺘﺒﻨﻮن و ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺮﺿﻬﻢ ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮن و‬ ‫ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻠﻴﺪ‬ ‫و ﺗﻨﻤﻴﻂ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻬﻢ ﺣﺴﺐ ﺳﻠﻮآﻴﺎت ﺑﻄﻞ أو أﺑﻄﺎل اﻟﻔﻴﻠﻢ. و‬ ‫اﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺎهﺪة و ﺗﻌﺎﻃﻲ أﻓﻼم اﻟﻌﻨﻒ ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻟﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ و ﺗﺒﻨﻲ ﺣﻴﺎة‬ ‫و ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻔﺮد ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻌﻴﺪ‬ ‫اﻟﺨﻴﺎل و ﻣﻨﺎخ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ‬ ‫ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ و اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﺸﺮ. و ﻳﻠﺠﺄ اﻷﺷﺨﺎص إﻟﻰ ﺗﻘﻤﺺ ﺷﺨﺼﻴﺎت‬ ‫ّ‬ ‫اﻷﻓﻼم و ﻻ ﻳﻔﺮﻗﻮن ﺑﻴﻦ اﻟﺪراﻣﺎ و اﻟﺨﻴﺎل و اﻟﻮاﻗﻊ و ﻳﺒﺮرون ﻓﺸﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ و‬ ‫اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻜﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ اﻟﻤﺎدﻳﺔ و اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ. ﻓﻄﻔﻞ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮ رﺑﻴﻌﺎ أﻧﺘﻘﻢ ﻣﻦ زﻣﻼﺋﻪ‬ ‫و ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺑﺤﺠﺔ أن ﺻﺪﻳﻘﺘﻪ رﻓﻀﺘﻪ و ﻗﺮرت أن ﺗﻘﻄﻊ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﻣﻌﻪ. و ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫هﻨﺎ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻬﺎ أﺳﻠﻮب ﺣﻴﺎة ﻧﺎﺟﺢ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ و اﻟﻔﺸﻞ و اﻟﻤﺸﺎآﻞ‬ ‫و اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ.‬ ‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬ ‫آﻤﺎ ﻳﺮى ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻓﻲ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي و ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ أن اﻟﻤﺎدة‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﺗﻌﺰز و ﺗﺪﻋﻢ أﻧﻤﺎط اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻤﻮﺟﻮدة أﺻﻼ‬ ‫ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. و ﺗﺮى ﻧﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺰﻳﺰ هﺬﻩ أن اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﻳﺆآﺪ ﺻﺤﺔ اﻻﺗﺠﺎﻩ‬ ‫اﻟﻌﺪواﻧﻲ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺨﺺ. و هﻨﺎ ﻳﺠﺪ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ اﻟﺮاﺣﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﺪ اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﻓﻲ‬ ‫اﻻﻋﺘﻘﺎدات و اﻟﻘﻴﻢ و اﻟﺘﺼﺮﻓﺎت اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻋﻨﺪﻩ و اﻟﻤﺘﺸﺒﻊ ﺑﻬﺎ و ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﺿﻬﺎ وﺳﺎﺋﻞ‬ ‫اﻹﻋﻼم ﻣﺰﺧﺮﻓﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﺑﺎﻟﺨﻴﺎل و اﻟﺪراﻣﺎ و إﻟﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ. و هﻨﺎ ﻳﺠﺪ اﻟﻤﺸﺎهﺪ ﺿﺎﻟﺘﻪ و‬ ‫ﻳﻌﺰز ﻗﻨﺎﻋﺎ ﺗﻪ و ﻣﻴﻮﻟﻪ و رﻏﺒﺎﺗﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺒﺎدر ﻟﻪ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب و ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ.‬
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫21‬

‫ﺟﺮﻳﻤﺔ "ﺟﻮﻧﺴﺒﻮرو" ﺗﺜﻴﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎؤﻻت و ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎت ﻋﺪة ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ‬ ‫ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻧﺎﻟﺖ ﻣﻨﻪ اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ و اﻟﻤﺎدﻳﺔ و ﺣﺐ اﻟﻨﻔﺲ و اﻟﻔﺮاغ اﻟﺮوﺣﻲ و اﻟﺘﺸﺘﺖ اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ و‬ ‫و اﻟﻔﻀﺎﺋﺢ. هﺬﻩ اﻟﻈﺎهﺮة ﻻ ﻳﻨﻔﺮد ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻮﺣﺪﻩ و‬ ‫اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫إﻧﻤﺎ ﻣﻌﻈﻢ دول أﻣﺮﻳﻜﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ‬ ‫و أوروﺑﺎ و اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ‬ ‫ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺸﻜﻞ. ﻓﻔﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﺷﻬﺪت اﻟﻤﺪارس اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ٧٩٩١ أآﺜﺮ‬ ‫ﻣﻦ ٠٠٠١ ﺣﺎدث ﻋﻨﻒ. و ﺣﺴﺐ اﻟﺨﺒﻴﺮ و اﻷﺳﺘﺎذ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺒﺮوﻓﻴﺴﻮر ﺟﺎك ﺑﺎﻳﻦ ﻓﺈن‬ ‫" اﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻳﺒﺮز ﻓﻘﺪان اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت‬ ‫و ﻓﻲ اﻟﻜﺒﺎر و ﻓﻲ‬ ‫و ﺗﺒﺎﻳﻦ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ آﻜﻞ" ﻓﺎﻧﻌﺪام اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ و اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ و اﻟﻔﻮارق اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ‬ ‫اﻟﻄﺒﻘﺎت هﺬﻩ اﻟﻌﻮاﻣﻞ آﻠﻬﺎ ﺗﺆدي إﻟﻰ إﺣﺒﺎط ﻧﻔﺴﻲ ﺧﻄﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻮﻟﺪ اﻟﺤﻘﺪ و اﻟﻜﺮاهﻴﺔ‬ ‫ّ‬ ‫ﺿﺪ اﻟﻨﻈﺎم و آﻞ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ و ﻋﻨﺎﺻﺮﻩ و ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ و أﺗﺒﺎﻋﻪ.‬ ‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن إذن ﻟﻴﺲ هﻮ اﻟﻤﺘﻬﻢ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ "ﺟﻮﻧﺴﺒﻮرو" و إﻧﻤﺎ هﻮ أﺣﺪ‬ ‫اﻟﻤﺘﺴﺒﺒﻴﻦ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻹﺟﺮاﻣﻴﺔ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋﻮاﻣﻞ ﻧﻔﺴﻴﺔ و اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ و اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬ ‫و اﻟﻠﻮم اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﺟﻴﻬﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ‬ ‫و دﻳﻨﻴﺔ و روﺣﻴﺔ.‬ ‫و ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ هﻮ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺠﺎرة و " اﻟﺸﺎو ﺑﻴﺰ" و‬ ‫اﻻهﺘﻤﺎم أآﺜﺮ ﻓﺄآﺜﺮ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ و ﻗﻴﻤﻪ. ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺘﺠﺎر اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ، اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ‬ ‫اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻤﺮاهﻘﺔ و اﻟﻌﻮاﻃﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺒﺎب و هﺬا ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹﺛﺎرة و اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و‬ ‫اﻟﺠﻨﺲ و اﻟﻔﻀﺎﺋﺢ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ أآﺒﺮ ﺷﺮﻳﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ف"اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺗﺒﻴﻊ و ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺘﺮوﻳﺞ و اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ". و هﻜﺬا أﺻﺒﺤﺖ ﻋﻼﻣﺔ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻹﺑﺪاع اﻟﻔﻨﻲ و اﻹﻧﺘﺎج اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ‬ ‫ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ارﺗﺒﺎﻃﺎ ﻋﻀﻮﻳﺎ ووﺛﻴﻘﺎ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ و ﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻪ. اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﻄﺮح ﻧﻔﺴﻪ هﻨﺎ هﻮ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺣﺴﺎب ﻣﻦ؟ و ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ؟‬ ‫اﻟﺪروس اﻟﻤﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻣﻦ أﺑﺤﺎث و دراﺳﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن و اﻟﺴﻠﻮك‬ ‫اﻟﻌﺪواﻧﻲ:‬ ‫أﺣﺼﻰ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن و اﻟﻤﺨﺘﺼﻮن ﻓﻲ دراﺳﺎت ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬ ‫اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮك اﻟﻔﺮد أآﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻒ دراﺳﺔ أﺟﺮي ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‬ ‫اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ. و ﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة هﻨﺎ إﻟﻰ ﻧﺪرة ﻣﺜﻞ هﺬﻩ اﻟﺒﺤﻮث ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ و آﺬﻟﻚ ﻗﻠﺔ و ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن اﻧﻌﺪام اهﺘﻤﺎم اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت و اﻟﺴﻠﻄﺔ و اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ )وزارة اﻟﺼﺤﺔ، وزارة‬ ‫اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ، وزارة اﻹﻋﻼم و اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ( ﺑﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي، آﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ‬ ‫ﻏﻴﺎب ﺷﺒﻪ ﺗﺎم ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ هﺬﻩ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ و ﻃﺮﺣﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم و ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﺴﺆوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.‬ ‫ﺗﺆآﺪ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ أن اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻳﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ و‬ ‫ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻣﻀﺎﻋﻔﺘﻪ. ﻓﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪت اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ أﻇﻬﺮت أن ﺗﻌﺮض اﻷﻃﻔﺎل‬ ‫ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻳﺆدي ﺑﻬﻢ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. أﻣﺎ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺒﻴﻨﻴﺔ ﻓﻘﺪ‬ ‫أآﺪت أن اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺎهﺪون اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن أآﺜﺮ هﻢ ﻧﻔﺴﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺴﻠﻮك‬ ‫ﻋﺪواﻧﻲ أآﺜﺮ. أﻣﺎ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﻴﺪاﻧﻴﺔ اﻟﻄﻮﻟﻴﺔ ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻨﺘﺠﺖ أن اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ آﺒﺮوا ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن ﺑﻜﺜﺮة أﻧﻬﻢ هﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻤﻴﺰوا ﺑﺴﻠﻮك ﻋﺪواﻧﻲ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﻢ و ﻓﻲ‬ ‫ﻣﺮاهﻘﺘﻬﻢ و ﺑﺪاﻳﺔ رﺷﺪهﻢ. ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل أن اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ – ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻨﺎهﺞ اﻟﺒﺤﺚ و‬ ‫اﻟﻤﻘﺎرﺑﺎت - أآﺪت أن هﻨﺎك ﻋﻼﻗﺔ ارﺗﺒﺎﻃﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و اﻟﻘﻴﺎم‬ ‫و ٠١٫٠ و ٨٢٫٠. ﻓﺎﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻳﺆدي‬ ‫ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﺗﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ٢٣٫٠‬ ‫ﺑﺎﻷﻃﻔﺎل إﻟﻰ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺘﺼﺮﻓﺎت ﻋﺪواﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﻢ، و ﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻨﻤﻮ هﺬا اﻟﺴﻠﻮك ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ‬ ‫ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﺮاهﻘﺔ و ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮﺷﺪ.‬

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫31‬

‫و ﻣﻦ أهﻢ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﺼﺖ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ اﻟﻤﺎ وراﻳﺔ ‪Meta-analytical‬‬ ‫‪ Studies‬اﻟﺘﻲ اهﺘﻤﺖ ﺑﺪراﺳﺔ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و ﺗﺄﺛﻴﺮهﺎ ﻋﻠﻰ‬

‫ﺳﻠﻮك اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻣﺎ ﻳﻠﻲ:‬ ‫اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻهﺘﻤﺎم أآﺜﺮ ﺑﺪراﺳﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺘﺮآﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮاهﻘﻴﻦ و اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ. ﺣﻴﺚ أن اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ‬ ‫ﻃﻮﻳﻞ اﻟﻤﺪى ﻳﺤﺪث ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻓﻘﻂ.‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﻜﺎﻓﺄ اﻟﺒﻄﻞ ﻓﻴﻪ هﻮ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺬي ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻔﺎل أآﺜﺮ.‬ ‫ﻓﻨﻤﻮذج اﻟﺒﻄﻞ اﻟﻨﺎﺟﺢ ﻋﻨﺪ اﻷﻃﻔﺎل هﻮ ﻟﻴﺲ ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺴﺠﻦ و ﻳﻌﺎﻗﺐ أو ﻳﻌﺪم و إﻧﻤﺎ‬ ‫هﻮ ذﻟﻚ اﻟﺬي ﻳﺼﻮر ﻓﺎﺋﺰا و ﻧﺎﺟﺤﺎ.‬ ‫ﻳﺆﺛﺮ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ أي ﻃﻔﻞ ﻣﻦ أي ﻋﺎﺋﻠﺔ، و ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻷﻃﻔﺎل‬ ‫ذوي اﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﻹرﺗﻜﺎب اﻟﻌﻨﻒ.‬ ‫ﻣﻦ واﺟﺐ اﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ و اﻹﻋﻼﻣﻴﻴﻦ و اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻋﻠﻰ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺘﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ‬ ‫و ﻳﻘﺪم ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر و ﻻ ﻳﺠﺐ إﻟﻘﺎء ﻣﻬﻤﺔ اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ و اﻟﻤﺮاﻗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ‬ ‫ﻳﺒﺚ‬ ‫و اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻓﻘﻂ.‬ ‫أوﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮر‬ ‫ﻳﺠﺐ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. اﻟﻌﻨﻒ ﻳﺒﻴﻊ وﻳﺴﻮق،‬ ‫آﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﻄﺎب اﻟﻤﺸﺎهﺪﻳﻦ و اﻟﺠﻤﻬﻮر، آﻤﺎ أن إﻧﺘﺎج اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ‬ ‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻳﻜﻮن أﺳﻬﻞ و أرﺧﺺ. )-842:1002 ,‪Bushman and Huesmann‬‬
‫942(.‬

‫ﺁﻟﻴﺎت ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ:‬ ‫آﻴﻒ ﻳﺆﺛﺮ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﺳﻠﻮك اﻟﻔﺮد، و ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻋﻨﺪﻩ؟‬ ‫هﻨﺎك ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﻔﺴﺮ ﺟﻴﺪا اﻵﻟﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪد ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ و ﻧﻤﻮ اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ‬ ‫ارﺗﻜﺎب اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ.ﻓﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك و اﻟﺘﺼﺮﻓﺎت و اﻟﻨﺼﻮص‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻢ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ و آﺬﻟﻚ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻢ اﻟﺘﺼﺮﻓﺎت اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ اﻟﻤﻌﻘﺪة. و‬ ‫ﺣﺴﺐ "ﺑﻨﺪورة" ﻳﻘﻠﺪ اﻷﻃﻔﺎل أﺑﻄﺎﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺪراﻣﺎ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺎﻓﺊ اﻟﺒﻄﻞ و‬ ‫ﻳﺤﺪث اﻟﻌﻜﺲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺎﻗﺐ. و ﺗﺸﻴﺮ اﻟﺪراﺳﺎت إﻟﻰ أن ٥٧% ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت ﻳﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻜﺎﻓﺄة‬ ‫اﻟﺒﻄﻞ. ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى،و ﺣﺴﺐ ﻧﻤﻮذج ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات و اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﻳﺆدي اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ إﻟﻰ‬ ‫ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻵراء و اﻟﻤﻮاﻗﻒ و اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺸﺎهﺪﻳﻦ.. هﺬﻩ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺗﺆدي‬ ‫إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ أآﺜﺮ ﻋﺪاء ﻣﻤﺎ هﻮ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، و ﺗﺪﻋﻢ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ اﻟﺴﻠﻮك‬ ‫اﻟﻌﺪواﻧﻲ و ﺗﺤﺠﺮ ﻋﺎﻃﻔﺔ اﻟﻤﺸﺎهﺪ و ﺗﻀﻌﻒ ﺣﺴﺎﺳﻴﺘﻪ إزاء اﻟﻌﻨﻒ. ﺗﺘﺪﻋﻢ ﻓﻜﺮة اﻟﺨﻮف ﻟﺪى‬ ‫و اﻟﺴﻠﻮك‬ ‫اﻟﻔﺮد و ﺗﻘﻞ ﺛﻘﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ و ﻳﺴﻮدﻩ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫و‬ ‫اﻟﻌﺪواﻧﻲ.ﻓﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺒﺪو ﺧﻄﻴﺮ، ﻏﻴﺮ ﺁﻣﻦ و ﻋﺪاﺋﻲ. و ﻓﻲ ﻣﺜﻞ هﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻨﻔﺴﻲ اﻟﺴﻠﺒﻲ‬ ‫اﻟﻌﺪاﺋﻲ ﻳﺘﺼﺮف اﻟﻔﺮد ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﻌﺎدﻳﺔ و ﻳﺸﻚ ﻓﻲ اﻵﺧﺮﻳﻦ و ﻳﺴﻲء ﻓﻬﻤﻬﻢ و ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﻢ. ﻓﻔﻬﻢ‬ ‫اﻟﻔﺮد ﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﻳﻔﺴﺮ ﺑﺪرﺟﺔ آﺒﻴﺮة ﺳﻠﻮآﻪ و ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ. ﻓﻤﻊ اﻷﺳﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ و ﺑﺎﻧﺘﺸﺎر اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ اﻧﺘﺸﺮت ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺠﻊ ﺑﺪورهﺎ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ. ﻟﻘﺪ أآﺪت ﻧﺴﺒﺔ آﺒﻴﺮة‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت أن اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻌﺪواﻧﻴﻴﻦ ﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ و اﻟﻌﻨﻒ ﺗﺼﺮﻓﺎت ﺧﺎﻃﺌﺔ‬ ‫و ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. )7991 ,‪ .( Shirley, 1993, Huesmann & Guerra‬ﻓﺈذا‬ ‫أﻗﺘﻨﻊ اﻷﻃﻔﺎل أن اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ هﻮ ﺳﻠﻮك ﻣﺒﺮر ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺘﺼﺮﻓﻮن ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﺪواﻧﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻌﻨﻒ‬ ‫اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ و اﻟﻌﻨﻒ. ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺷﺎهﺪﻧﺎ اﻟﻌﻨﻒ ﺗﻌﻮدﻧﺎ ﻋﻠﻴﻪ، و‬ ‫آﻠﻤﺎ ﺗﻜﺮرت ﺻﻮرﻩ ﻓﻲ ذهﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن أﺻﺒﺢ اﻟﻌﻨﻒ ﺟﺰء ﻣﻨﺎ و ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ. ﻓﻜﻠﻤﺎ‬ ‫ﺗﻌﻮد اﻷﻃﻔﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﻒ آﻠﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ اﻷﻣﻮر ﺳﻬﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ ﻻرﺗﻜﺎب أﻋﻤﺎل اﻟﻌﻨﻒ.‬ ‫ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻇﺎهﺮة ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺗﺸﺮح ﻟﻤﺎذا ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺪواﻧﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎهﺪة‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن. ﻳﺸﺎهﺪ اﻟﻨﺎس اﻟﻌﻨﻒ ﻷﻧﻪ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺘﺒﺮﻳﺮ ﺳﻠﻮآﻴﺎﺗﻬﻢ و ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻬﻢ‬

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫41‬

‫اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ و اﻋﺘﺒﺎرهﺎ ﺗﺼﺮﻓﺎت ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻌﻤﻞ ﻋﺪواﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺮوض أن‬ ‫ﻳﺆﻧﺒﻪ ﺿﻤﻴﺮﻩ، ﻟﻜﻦ هﺬا اﻟﺘﺄﻧﻴﺐ ﻳﺰول ﺑﻤﺠﺮد ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن.‬ ‫وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ:‬ ‫ﺗﻔﺮز وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺁﺛﺎرا ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﺑﺘﻐﻄﻴﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و أﺣﺪاث‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ‬ ‫و اﻟﻌﺪوان و اﻻﻧﺤﺮاف. ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي إذا ُﺳﺘﻌﻤﻠﺖ‬ ‫ا‬ ‫ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ، ﻣﻨﻈﻤﺔ و ﻣﺨﻄﻄﺔ أن ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. ﻓﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ‬ ‫ﻣﻊ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ اﻻﻧﺤﺮاف و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ آﺎﻟﺸﺮﻃﺔ و أﺟﻬﺰة اﻷﻣﻦ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‬ ‫و ﺟﻤﻌﻴﺎت أوﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮر، و اﻟﺠﻤﻌﻴﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ‬ ‫و ﺟﻬﺎز اﻟﻘﻀﺎء، و اﻟﻤﺪارس‬ ‫و اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ آﻜﻞ، إذا آﺎن هﻨﺎك ﺗﻨﺴﻴﻖ‬ ‫ﺑﺎﻟﻄﻔﻞ و اﻷﺳﺮة، و اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ و إذا آﺎﻧﺖ هﻨﺎك اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أﺳﺒﺎب و ﺟﺬور و اﻧﻌﻜﺎﺳﺎت ﻇﺎهﺮة‬ ‫اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﻌﺪوان و اﻻﻧﺤﺮاف، ﻓﺂﻧﺬاك ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ أن ﺗﺸﺎرك ﻓﻲ‬ ‫ﺑﻨﺎء ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻔﺮد ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻣﻊ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ ﻓﻲ‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻒ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم. ﻓﺎﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻣﻌﻘﺪة و ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺘﻬﺎ ﺟﻬﺎت ﻋﺪﻳﺪة و ﻟﻴﺴﺖ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ‬ ‫اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻓﻘﻂ.‬ ‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى و ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺒﻜﺎء ﻋﻠﻰ اﻷﻃﻼل و اﻟﻨﻘﺪ و وﺿﻊ اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ‬ ‫ﻳﺠﺐ أن ﻧﻄﺮح اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻨﺎ: ﻣﺎذا أﻧﺘﺠﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﻌﺮب ﻟﻘﺮاﺋﻨﺎ و ﻣﺸﺎهﺪﻳﻨﺎ و‬ ‫أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ أو اﻟﻤﺠﻼت أو اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ أو اﻻﻧﺘﺮﻧﻴﺖ؟ أﻳﻦ هﻮ اﻟﺒﺪﻳﻞ؟ ﺣﺘﻰ‬ ‫ﻻ ﻧﺴﺘﻬﻠﻚ رﺳﺎﺋﻞ ﻟﻢ ﺗﺼﻤﻢ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس و ﻣﻨﺘﺠﺎت إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻗﻴﻤﺎ و أﻓﻜﺎرا و ﺁراء‬ ‫اﻵﺧﺮﻳﻦ. و ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻗﻰ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ أن ﺗﻠﻌﺐ دورا ﻣﺴﺆوﻻ و‬ ‫و ﻟﻠﻌﺪوان ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى‬ ‫إﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و ﻟﻠﻌﻨﻒ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻤﻬﻨﻴﺔ و اﻻﺣﺘﺮاﻓﻴﺔ و ﻳﺠﺐ أن ﺗﻨﺘﺞ و ﺗﺼﻨﻊ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر وﻓﻖ اﻟﺮؤﻳﺔ و‬ ‫اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺻﻨﺪوق ﺑﺮﻳﺪ ﺗﺸﺘﺮي اﻟﻤﺎدة‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﺒﺔ و ﺗﺒﺜﻬﺎ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر. و هﻨﺎ ﺗﻘﻊ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ آﺒﻴﺮة ﺟﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ‬ ‫ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ آﻤﺆﺳﺴﺔ ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ، و ﻟﻴﺲ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫أﺳﺎس أﻧﻬﺎ ﺁﻟﺔ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات آﺄرﺑﺎح ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻘﻴﻢ و اﻟﻌﺎدات و اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ‬ ‫و اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ. ﻓﻤﺎ ﻳﺒﺚ هﺬﻩ اﻷﻳﺎم ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺠﻞ ﺣﻴﺚ ﻧﻼﺣﻆ‬ ‫رﺳﺎﺋﻞ ﺳﻄﺤﻴﺔ، ﺗﺒﺴﻴﻄﻴﺔ، ﺗﻬﻤﻴﺸﻴﺔ، ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﺨﺪش اﻟﺤﻴﺎء و إﻋﻼﻧﺎت ﺑﻌﻴﺪة آﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ‬ ‫اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ و ﻣﻦ ﻣﺎدة ﻻ ﺗﻌﻜﺲ واﻗﻊ اﻟﻔﺮد اﻟﻌﺮﺑﻲ. هﺬﻩ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺗﻬﺪم أآﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺒﻨﻲ ﺣﻴﺚ‬ ‫أن هﺪﻓﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ هﻮ اﻻﺳﺘﻬﻼك و اﻟﺒﻴﻊ و اﻟﺠﺮي وراء اﻟﻜﺴﺐ اﻟﺴﺮﻳﻊ و ﺿﻤﺎن أآﺒﺮ ﻋﺪد‬ ‫ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاء و اﻟﻤﺸﺎهﺪﻳﻦ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أآﺒﺮ ﺣﺼﺔ ﻣﻦ اﻹﻋﻼﻧﺎت. ﻓﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺗﻌﺘﺒﺮ‬ ‫اﻟﻤﻨﺘﺞ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺎت و اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات و اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت و اﻟﻤ ّﻜﻞ اﻟﻤﺤﻮري ﻟﻠﺮأي اﻟﻌﺎم و هﺬا ﻳﻌﻨﻲ‬ ‫ﺸ‬ ‫أﻧﻪ ﻣﻦ واﺟﺒﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ و ﺗﺄدﻳﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ وﺟﻪ ووﻓﻖ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ و‬ ‫و اﻟﺘﺤﻜﻢ اﻟﻤﺮآﺰي ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺤﻠﻮل اﻟﻨﺎﺟﻌﺔ و‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ و اﻟﻤﺒﺎدئ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ. اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ‬ ‫ﺗﺘﻨﺎﻓﻰ و ﻗﻴﻢ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ و ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ. ﺟﻮ ﻏﺮوﺑﻞ ﻳﻘﺘﺮح اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﺜﻼث اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:‬
‫اﻟﻨﻘﺎش اﻟﻌﺎم و اﻟﺤﻮارات اﻟﻤﺸﺘﺮآﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ و اﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ و اﻟﻤﺪرﺳﻴﻦ.‬ ‫ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻮاﺛﻴﻖ اﻷﺧﻼق و اﻻﻟﺘﺰام اﻟﺬاﺗﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ.‬ ‫ﺗﺒﻨﻲ اﻷﺷﻜﺎل اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻤﺴﺌﻮل‬ ‫و اﻟﻮاﻋﻲ و اﻟﻔﻌﺎل ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﻴﻦ. ) 762:1002,‪.(Groebel‬‬

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫51‬

‫اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ:‬ ‫اﺳﺘﻌﺮﺿﺖ هﺬﻩ اﻟﻮرﻗﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻨﺸﺮ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ‬ ‫اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي. ﻓﺎﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻘﺘﻞ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻌﺪواﻧﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺘﻨﺎﻣﻰ و ﺗﺘﺰاﻳﺪ‬ ‫و هﺬا ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﺰاﻳﺪ اهﺘﻤﺎم وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺑﺘﻐﻄﻴﺔ هﺬﻩ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ و ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ‬ ‫ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم‬ ‫ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر. ﻓﺎﻟﻤﻨﺘﺞ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﻴﻮم أﺻﺒﺢ ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﻨﺲ و‬ ‫اﻻﻧﺤﺮاف اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ أﻓﻼم اﻟﻜﺮﺗﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﺴﻠﺴﻼت و اﻷﻓﻼم و اﻟﺪراﻣﺎ و اﻹﻋﻼﻧﺎت...اﻟﺦ. و‬ ‫اﻹﺷﻜﺎل اﻟﻤﻄﺮوح هﻨﺎ هﻮ هﻞ ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺗﺆﺛﺮ‬ ‫ﻓﻲ ﺳﻠﻮك اﻟﺠﻤﻬﻮر و هﻞ ﺗﺸﺠﻊ اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻋﻠﻰ ارﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ؟ اﺧﺘﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﺴﺆال، ﻟﻜﻦ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ أآﺪ أن هﻨﺎك ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺳﻠﺒﻲ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم و هﺬا اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ‬ ‫ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى –ﻧﻔﺴﻴﺔ، ﺷﺨﺼﻴﺔ، اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ،اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ-ﻟﻴﺆدي ﻓﻲ أﺧﺮ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ‬ ‫ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﻔﺮد ﻋﻠﻰ ارﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ.‬ ‫اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﻧﻈﺮا ﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺘﺴﻮﻳﻖ و اﻟﺘﺠﺎرة و اﻟﺒﻴﻊ و اﻟﺮﺑﺢ ﺗﺴﺘﻐﻞ‬ ‫و اﻟﻐﺮاﺑﺔ و أﺧﺒﺎر اﻟﺠﻨﺲ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف و اﻟﻌﻨﻒ ﻟﺰﻳﺎدة ﻣﺒﻴﻌﺎﺗﻬﺎ و‬ ‫اﻹﺛﺎرة‬ ‫ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟﺴﻮق و اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮات اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ و اﻟﻀﺮر اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﻠﺤﻘﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺷﺌﺔ و ﺑﺎﻟﺠﻤﻬﻮر ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ. ﻓﻤﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺤﺘﻞ‬ ‫ﺣﻴﺰا آﺒﻴﺮا و أﺻﺒﺤﺖ ﻗﻴﻤﺎ ﺧﺒﺮﻳﺔ ﺗﺘﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ.‬ ‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ أآﺜﺮ ﺧﻄﻮرة و اآﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪا ﻧﻈﺮا ﻟﻠﺘﺒﻌﻴﺔ اﻟﺸﺒﻪ ﻣﻄﻠﻘﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺳﻮاء ﺗﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻷﺧﺒﺎر أو اﻷﻓﻼم أو اﻟﻤﺴﻠﺴﻼت أو‬ ‫اﻹﻋﻼﻧﺎت، و ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺤﻮارﻳﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺴﺘﻮرد و ﺗﺘﺮﺟﻢ و ﺗﻘﺪم ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر. هﺬﻩ‬ ‫اﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﻄﻲ اﺧﺘﻴﺎرا آﺒﻴﺮا ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ رﺳﺎﻟﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ أو ﻣﻨﺘﺞ‬ ‫إﻋﻼﻣﻲ هﺎدف و ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ ﺧﺒﺮﻳﺔ ﺗﺘﻨﺎﻏﻢ ﻣﻊ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ﻓﻤﺎدة أﻓﻼم‬ ‫اﻟﻜﺮﺗﻮن اﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ٠٧ ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﻈﺎهﺮ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و هﺬا ﻳﻌﺘﺒﺮ‬ ‫و اﻟﻔﻀﻮل و ﻋﺪم اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ‬ ‫ﺧﻄﺮ ﻣﻨﻈﻢ و ﻳﻮﻣﻲ ﻣﻮﺟﻪ ﻟﻔﺌﺔ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻘﺎﺑﻠﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﺘﻘﻠﻴﺪ‬ ‫ﺑﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻊ و اﻟﺨﻴﺎل.‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﻤﺎهﻴﺮي ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ و اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻻﻧﺤﺮاف أن ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ و ﺗﺼﺤﻴﺢ‬ ‫اﻟﻮﺿﻊ ﺑﺘﺸﺨﻴﺺ اﻷﺳﺒﺎب و ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺤﻠﻮل و إﺷﺮاك اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ ﺗﻘﻮﻳﺾ هﺬﻩ اﻟﻤﺸﺎآﻞ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﺴﺘﻔﺤﻞ و ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻟﻢ ﺗﻮاﺟﻪ ﺑﺎﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻬﺎت‬ ‫اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ. ﻓﺎﻟﺴﻜﻮت ﻣﻤﻨﻮع و اﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ اﻟﻔﻌﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮل ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ، ﻷن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻏﻠﻰ‬ ‫ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻜﻪ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ-أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ، ﻓﻠﺬات أآﺒﺎدﻧﺎ.‬

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

‫61‬

:‫اﻟﻤﺮاﺟﻊ‬
:‫أﺣﻤﺪ اﻟﺮﺑﺎﻳﻌﺔ )٤٨٩١( أﺛﺮ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ و اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ دﻓﻊ اﻟﻔﺮد إﻟﻰ ارﺗﻜﺎب اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. اﻟﺮﻳﺎض‬ .‫اﻟﻤﺮآﺰ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻷﻣﻨﻴﺔ و اﻟﺘﺪرﻳﺐ‬ .‫ﺟﻠﻴﻞ ودﻳﻊ ﺷﻜﻮر )٧٩٩١( اﻟﻌﻨﻒ و اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. ﺑﻴﺮوت: اﻟﺪار اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم‬ ‫ﺣﺴﻦ ﻋﻤﺎد ﻣﻜﺎوي و ﻟﻴﻠﻰ ﺣﺴﻴﻦ اﻟﺴﻴﺪ )١٠٠٢( اﻻﺗﺼﺎل و ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻪ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة. اﻟﻄﺒﻌﺔ‬ .‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ. اﻟﻘﺎهﺮة: اﻟﺪار اﻟﻤﺼﺮﻳﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﺳﺎﻣﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺎن رزق )٤٩٩١( اﻟﻤﻈﺎهﺮ اﻟﻌﺪواﻧﻴﺔ ﻓﻲ أﻓﻼم اﻟﻜﺎرﺗﻮن اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ. اﻟﻘﺎهﺮة: ﻣﻜﺘﺒﺔ‬ .‫اﻷﻧﺠﻠﻮ ﻣﺼﺮﻳﺔ‬ .‫ﺳﻤﻴﺮة ﺷﻤﻌﻮن )٥٩٩١( "اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ" ﻣﺠﻠﺔ اﻷﻣﻦ، ﻋﺪد٦٤، أآﺘﻮﺑﺮ‬ ‫ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻴﺴﻮي )٤٨٩١( اﻵﺛﺎر اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ و اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺘﻠﻔﺰﻳﻮن اﻟﻌﺮﺑﻲ. ﺑﻴﺮوت: دار‬ .‫اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬ ‫ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﺤﺮﺑﻲ )٣٠٠٢( اﻻﻧﺘﺮﻧﻴﺖ و اﻟﻘﻨﻮات اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ و دورهﺎ ﻓﻲ اﻻﻧﺤﺮاف‬ .‫و اﻟﺠﻨﻮح. اﻟﺮﻳﺎض: ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻌﺒﻴﻜﺎن‬ ‫ﻋﺪﻟﻲ ﺳﻴﺪ رﺿﺎ )٤٩٩١( "اﻟﺴﻠﻮآﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺘﺴﺒﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ اﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض‬ ‫اﻟﻌﻨﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮن"، ﺑﺤﻮث اﻻﺗﺼﺎل، آﻠﻴﺔ اﻹﻋﻼم، ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎهﺮة، اﻟﻌﺪد اﻟﺤﺎدي‬ .١٩٩٤ ‫ﻋﺸﺮ،ﻳﻮﻟﻴﻮ‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ )٧٩٩١( ﻧﻈﺮﻳﺎت اﻹﻋﻼم و اﺗﺠﺎهﺎت اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ. اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻷوﻟﻰ. اﻟﻘﺎهﺮة: ﻋﺎﻟﻢ‬ .‫اﻟﻜﺘﺐ‬
Barak,G.(Ed.)(1995) Media, process and the Social Construction of Crime. New York: Garland Publishing, Inc. Berkowitz,L.(1993) Aggression: Its Causes, Consequences, and Control. New York: McGraw-Hill. Berkowitz,L., & K.H. Rogers (1986) “A Priming Effect Analysis of Media Influences”, In J. Bryant & D. Zillman (Eds.), Perspectives on Media Effects. Hillsdale, NJ: Lawrence Erlbaum, pp:57-82. Berrington, Eileen and Paivi Honkatukia (2002) “An Evil Monster and a Poor Thing: Female Violence in the Media”, Journal of Scandinavian Studies in Criminology and Crime Prevention, 3:50-72. BeVier, Lillian R. (2004) “Controlling Communications That Teach or Demonstrate Violence: “The Movie Made Them Do It”, Journal of Law, Medicine & Ethics, 32:47-55. Bok, Sissela (1998) Mayhem: Violence as Public Entertainment. Reading, Mass: Addison-Wesley. Bryant, Gennings and Dolf Zillman (Eds.) (1994) Media Effects: Advances in Theory and Research. Thousand Oaks, CA: Sage Publications, Inc Bushman, Brad J. and L. Rowell Huesmann (2001) “Effects of Televised Violence on Aggression”, In Dorothy G. Singer and Jerome L. Singer (eds.) Handbook of Children and the Media. Thousand Oaks, CA: Sage Publications, Inc, pp:223-254. Chermak,S.(1995) Victims in the News:Crime and the American News Media. Boulder,CO: Westview Press. Chibnall, S.(1977) Law and Order News: An Analysis of Crime Reporting in the British Press. London: Tavistock Publications. Cohen, S. and J. Young (Eds.) (1973) The Manufacture of News: Deviance, Social Problems and the Mass Media. London: Constable. Drabman, R.S. & M.H.,Thomas (1974a) “Does Media Violence Increase Children’s Toleration of Real Life Aggression? ”Development Psychology, 10,418-421.
‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

17

Drabman, R.S.,& M.H. Thomas (1974b) “Exposure to Filmed Vilence and Children’s Tolerance of Real Life Aggression”, Personality & Social Psychology Bulletin,1(1),198-199. Duddly, William (Ed.) (1999) Media Violence: Opposing Viewpoints. San Diego,CA: Greenhaven Press, Inc. Dyson, Rose A. (2000) Mind Abuse: Media Violence in an Information Age. Montreal: Black Rose Books. Felson, Richard B. (1996) “Mass Media Effects on Violent Behavior”, Annual Review of Sociology, 22:103-28. Fenigstein,A.(1979) “Does Aggression Cause a Preference for Viewing Media Violence?”, Journal of Personality and Social Psychology, 37, 2307-2317. Fishman, Mark and Gray Cavender (Eds.) (1998) Entertaining Crime: Television Reality Programs. Thousand Oaks, CA: Sage Publications, Inc Freedman, Jonathan L. (2002) Media Violence and Its Effect on Aggression: Assessing the Scientific Evidence. Toronto: University of Toronto Press. Gerbner,G. (1988) Violence and Terror in Mass Media. Paris: UNESCO. Gerbner,G.,& L.Gross.(1976) “Living with Television: The Violence Profile”, Journal of Communication,26:172-199. Gerbner,G.,& L.Gross.(1981) “The Violent Face of Television and its Lessons”, In Palmer, E.I, & A.Dorr (Eds.) Children and the Faces of Television: Teaching, Violence, Selling. New York: Academic Press, pp:149-162 Groebel, Jo (2001) “Media Violence in Cross-Cultural Perspective”, In Dorothy G. Singer and Jerome L. Singer (Eds.) Handbook of Children and the Media. Thousand Oaks, CA: Sage Publications Inc., pp:255-268. Hamilton,J.T.(1998) Channeling Violence: The Economic Market for Violent Television Programming. Princeton, NJ: Princeton University Press. Hansen, Anders, Simon Cottle, Ralph Negrine and Chris Newbold, Mass Communication Research Methods. Washington Square, NY: New York University Press, 1998. Hesnard, A.(1963) Psychologie du Crime. Paris: Payot. Hiebert,R.E and C. Reuss(1988) Impact of Mass Media. 2nd ed. New York: Longman. Howitt, Dennis (1998) Crime, the Media and the Law. Chichester: John Wiley & Sons. Huesmann,L.R.,& L.Eron (1986) Television and the Aggressive Child: A Cross Comparison. Hillsdale,NJ: Lawrence Erlbaum. Ito, Mamoru (2002) “Television and Violence in the Economy of Memory”, International Journal of Japanese Sociology, 11:19-34. Katz,J.(1987) “What Makes Crime ‘News’? Media, Culture and Society, 9. Kerman, Sue (2000) Rosa Raye, Crime Reporter. 2nd.ed.New York: Longman. Kidd-Hewitt, David and Richard Osborne (Eds.) (1995) Crime and the Media: The Post-Modern Spectacle. London: Pluto Press. Klapper, J.T.(1960) The Effects of Mass Communication. Glenceo.ILL: Free Press. Larsen,O.(1968) Violence and Mass Media. New York: Harper & Row. Lowery, Shearon A. and Melvin L. De Fleur, Milestones in Mass Communication Research. 3rd ed. New York: Longman, 1995. Muncie,J (1999) Youth and Crime. London:Sage. Naylor, B (1995) “Women’s Crime and Media Coverage”in R.E Dobash, R.P Dobash, L. Noakes (Eds.) Gender and Crime. Cardiff: University of Wales Press.

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

18

Paik,H., & G. Comstock (1994) “The Effects of Television Violence on Antisocial Behavior: A Meta-analysis”, Communication Research, 21,516-546. Potter, W. James (2003) The 11 Myths of media Violence. Thousand Oaks, CA: Sage Publications. Reid, Penny and Gillian Finchilescu (1995) “The Disempowering Effects of Media Violence Against Women on College Women”, Psychology of Women Quarterly, 19:397-411. Schramm, W., J. Lyle & E. Parker (1961) Television in the Lives of our Children. Stanford, CA: Stanford University Press. Scott, John L.(2001) “Media Congestion Limits Media Terrorism”, Defence and Peace Economics, 12:215-227. Shirley, I.(1993) “The Culture of Violence”, Community Mental Health in New Zealand, 7, 3-9. Singer, Dorothy G., and Jerome L. Singer (Eds.) (2001) Handbook of Children and the Media. Thousand Oaks, CA: Sage Publications Inc Stempel, Guido H. III, David H. Weaver and G. Cleveland Wilhoit,(Eds.)(2003) Mass Communication research and Theory. Boston: Allyn and Bacon. Tittle, Charles (2000) Social Deviance and Crime: An Organizational and Theoretical Approach. New York: Longman. Varis,T. (1984) “The International Flow of Television Programs”, Journal of Communication, 34, 2:143-152. Weaver,J. and J. Wakshlag (1986) “Perceived Vulnerability to Crime: Criminal Victimization Experience and Television Viewing”, Journal of Broadcasting Media, 30:141-158. Wimmer, Roger D. and Joseph R Dominick( 2003) Mass Media Research: An Introduction. 7th.ed. Belmont: CA.: Wadsworth. Wykes, M (2001) News, Crime and Culture. London:Pluto. Yanich, Danilo (2001) “Location, Location, Location: Urban and Suburban Crime on Local TV News”, Journal of Urban Affairs, Vol. 23, No. 3-4:221-241.

‫اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ و اﻟﻌﻨﻒ و اﻻﻧﺤﺮاف ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم‬

19

Similar Documents

Free Essay

Mmkl

...nDfvZmh d[Bhnk GkJh ;kfjp oDXho f;zx nDfvZmh d[Bhnk fbfys GkJh ;kfjp oDXho f;zx gqekÙs GkJh ;kfjp oDXho f;zx Nq;N ¢£-ih, ;okGk Bro, b[fXnkDk ekgh okJhN GkJh ;kfjp oDXho f;zx Nq;N ¡©¤©, ¡©¦0, ¡©¦§, ¡©§§, ¡©ø£ S/thA tko ngq?b ¡©©0 ;sthA tko iBtoh ¡©©¤ w[Zb ¢g-00 fgqzNo L fgqzNt?Zb, 146, fJzv;Nqhnb ø 'eb g[nkfJzN, nzfwqs;o. sseok gqeoD ¡a ¢a £a ¤a ga ¦a §a øa ©a ¡0a ¡¡a ¡¢a ¡£a tuB nozG nZrk j? nk;se s/ Bk;se nekb g[oy dk do; fwbkg nrw nr'uo tkfjr[o{ dh bysk g/yBjkfonK dh ;w fdqÙNsk nfdqÙN fdqÙfNnK dh fp;wkdsk nekb g[oy dh dorkj XowokfJ dh dorkj Boe ;[or iw ns/ iwg[oh woB ;w/H dh iwK dh Mkeh r[ow[yK d/ d[nkb/ u"eh r[ow[yK B{z ihT[ efjD dh cb XowokfJ, fuso r[gs s/ nktkrtB gq/s-T[Xko gzBk j ¡ g ¡¦ ¤¡ ¤¤ ¤g g¢ ¡00 ¡¤g ¡§© ¡©¢ ¢¤0 ¢øø ¢©¢ £¡¢ S/thA tko “nDfvmh d[Bhnk” fJ; 23%36$16 ;kJh˜ ftu gfjbK d' tko ¡©§§ ns/ ¡©ø£ ftu gq?;-NkJhg Bkb Sg u[eh j?. isB eoB s/ th gq?;-NkJhg ftu fes/ Bk fes/ e'Jh ˆbsh Sg jh iKdh j?. n?sehA g[;se B{z ø 'N'-;N?N okjhA SgtkfJnk ik fojk j?. go B?frNt pDkT[D s'A gfjbK ;koh g[;se dh g{oh soQK ;[XkJh ehsh-eokJh rJh j?, skfe nr/ s'A e'Jh rbsh SgD ftu Bk nk ;e/. nfs dh wfjzrkJh ekoB ekr˜, SgkJh s/ fibdK d/ o/N fdB-pfdB tXh jh ik oj/ jB, fi; ekoB g[;se dh ehws gfjbK Bkb'A fes/ tX oyDh gJh j?. go ;kvk isB fJj' j? fe r[owfs gouko B{z w[y oy e/ fJBQK g[;seK B{z bkrs wkso s/ jh f;y ;zrsK d/ g/Ù ehsk ikt/ ns/ T[BQK B{z wkfJnk ewkT[D dk ;kXB Bk pDkfJnk ikt/. ¢£-ih, ;okGk Bro b[fXnkDk ¡£-¦-§0 pbpho f;zx ;eZso GkJh ;kfjp oDXho f;zx Nq;N ...

Words: 36846 - Pages: 148